أفريقيا … ماذا تحصد من زيارات ماكرون ولافروف؟

التوقيت نفسه وكأنه مقصود، يزور وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، أربع دول في شرق أفريقيا. والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يزور ثلاث دول في غرب القارة الأفريقية.
ما يحدث يعتبر دليلا واضحا، على حجم النزاع الدولي على القارة في هذه المرحلة، ونوع الغايات المتناقضة بين الأطراف،التي ترغب في ما يبدو أن تدير المعارك، بسرية أحيانا وعلنية للجميع أحيانا أخرى.
وخاصة أن الحرب الروسية الأوكرانية، كان لها تأثير على الصعيدين العالمي والإفريقي، حيث أنها فرضت عليهما معطيات جديدة.
هناك تساؤلات عديدة، في هذا السياق تفرض نفسها ولها علاقة، بطبيعة الأهداف الروسية من زيارة لافروف وزير الخارجية الروسي، والقضايا التي سيناقشها في دول شرق أفريقيا، مثل الإقليم الذي تتصارع فيه بعض الدول التي زارها لافروف، مثل أثيوبيا ومصر، أو دول فيها صراعات داخلية مثل الكونغو وإثيوبيا وأوغندا.
أفريقيا بين لافروف وماكرون
تبدو جولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكل من بنين والكاميرون وغينيا بيساو، لها علاقة بمستقبل وجود فرنسا العسكري في غرب أفريقيا، وهي الدول التي تعيش حتى الآن تحت مظلة فرنسا، الذي تحاول روسيا في الوقت الحالي أن تعلو على أشلائه، وخاصة أن مقاربات فرنسا لمواجهة التحديات الأمنية في القارة الأفريقية، قد باءت بالفشل خلال العقد الأخير، وهذه المقاربات اعتمدت إما على التدخل العسكري المباشر، في أفريقيا الوسطى ومالي، أو تشكيل تحالفات مثل تحالف G5.
في نفس السياق، من الضروري التفكير في شروط ومتطلبات تحقيق أرباح ومكاسب أفريقية، من الصراعات الراهنة، خاصة بين روسيا و فرنسا، وكذلك طبيعة الآليات التي يعتمد عليها، كل طرف في التفاعل مع القارة الأفريقية ، من أجل تحقيق مصالحه.
كما قال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، أن روسيا وأفريقيا على علاقة منذ زمن الاتحاد السوفيتي، حيث أن القيمة الاستراتيجية لشرق القارة، مكان جولة لافروف بالنسبة إلى روسيا، في ازدياد، وذلك لأن البحر الأحمر الذي يعتبر أهم ناقل للنفط حول العالم ، يقع على التخوم الشرقية للقارة الأفريقية. ويعد أيضا الممر البحري لمشروع الحزام وطريق الصين لأوروبا، والشرق الأوسط.
تقدم الدولة الأفريقية الدعم الجيوسياسي، وهو أساسي لكل أطراف النظام الدولي. حيث أن فيها كتلة تصويت جغرافية كبيرة، لذلك الدعم الأفريقي يجذب روسيا، لأنها تسعى أن لتأمين الدعم الدولي لحربها في أوكرانيا، وتوفير مواقف سياسية محايدة أو داعمة، في هذا الوضع الحساس والدقيق. وفق ماجاء في صحيفة CNN.
تقارب الدولة الأفريقية مع روسيا
بدأ تقارب موسكو مع أفريقيا عندما بدأت روسيا تؤسس لتصعد إلى مستوى الدول الكبيرة في النظام الدولي. وعملت على بلورة توجهاتها الاستراتيجية، فقد قفزت عام 2015 قفزات واضحة. وخاصة بعد أن تم إعلان عقيدة روسيا العسكرية في النسخة الرابعة
توازى صعود روسيا، في النطاق الدولي مع أزمة العلاقات الغربية الأفريقية، و معاناتها بشكل كبير من سياق مأزوم، بسبب أن المقاربات الغربية، من أجل تطوير القارة الأفريقية، قد تم تأسيسها على شروط صندوق البنك والنقد الدوليين في الإصلاح الاقتصادي، وهذه الشروط لم تراع البنى الثقافية و الاجتماعية ولا الهياكل الاقتصادية، حيث نجم عن هذه المقاربات انتشار ظاهرة الفقر، وبالتالي نتج دعما للتنظيمات الإرهابية، عبر تجنيد السكان الفقراء لصالحهم ، وكانت النتيجة عدم استقرار أفريقيا سياسيا.
أفريقيا والغرب والتقييم السلبي
كان التقييم الأفريقي، لنتائج المقاربات الغربية خلال الأربعين عاما الماضية سلبيا. وقد ظهر واضحا في موقف فرنسا من تطورات تشاد الغير دستورية، واستمرار نزوح الثروات الأفريقية، بعوائد مالية قليلة وغير عادلة للاقتصاد الأفريقي.
وهذا التقييم السلبي في القارة للغرب، لم يكن مقتصرا على النخب الرسمية، لكنه أيضا اخترق المجال العام الأفريقي، وتم التعبير عنه باندلاع تظاهرات شعبية ضد النفوذ الفرنسي، في النيجر ومالي وتشاد.
بالإضافة إلى ذلك، رصد التقييم توجهات الشباب الأفريقي، من خلال مؤتمرات وحوارات فرنسية أفريقية. مثل مؤتمر الشباب، ومؤتمر منظمات المجتمع المدني الذي أقيم في يناير 2012.
وقد لجأت فرنسا إلى هذه المؤتمرات، من أجل تحسين صورتها، والتخلص من مشكلاتها مع عدد من دول أفريقيا. أبرزها مالي والجزائر.
وعلى مستوى مواز قامت مجموعة بريكس، بتشكيل رافعة مناسبة لروسيا في القارة الأفريقية، وانضمت أخيرا للمجموعة القاهرة.
وقد عقدت مجموعة بريكس، اجتماعا مع دول الاتحاد الأفريقي، بأديس أبابا على هامش القمة الأفريقية عام 2013.
وفي عام 2015 عقدت قمتي شنغهاي وبريكس في مدينة أوفا الروسية. حيث ترك اللقاء المشترك بين دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وزعماء دول الأعضاء فيها، دلالات مهمة إقليمياً و دوليا.
إن صراع الدول على أفريقيا ربما يكون، لدول القارة بوابة للمكاسب. في حال استطاعت النخب الحاكمة التعامل مع هذا التحالف. ومواجهته بأجندة مشتركة ودفعه لبناء شراكات، تكون فيها المنافع و المغانم لصالح الشعب الأفريقي. حتى يكون من الصعب على الأطراف الدولية الاستغلال.
اقرأ ايضا مقالة جزيرة الثعبان .. كيف استعادتها الضفادع الأوكرانية؟