سياسة

أمريكا تصنع عدوا جديدا بعد بيان قمة الناتو

أمريكا تصنع عدوا جديدا، بعد بيان قمة الناتو. هو الموضوع،  الذي سنتطرق إليه اليوم، في صحيفة العالم في ثواني: عندما صدر بيان قمة الناتو. في العاصمة الإسبانية مدريد  اعتبر الكثير من المراقبين والمحللين، أن صراعا باردا جديدا. قد بدأ بين الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من طرف، وروسيا والصين من طرف آخر. وهذا دفع البعض للقول أن الدولة الأمريكية . وجدت العدو المناسب، بعد طول انتظار. وهذا العدو يمكن أن يوقف الانقسامات الداخلية فيها . ويعيد وحدة الجبهة الداخلية وتماسكها، بفعل تهديدات الخارج المتصورة. هل تستطيع الولايات المتحدة، أن تواجه الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران، أم أن اعتمادها سيكون على قادتها، للدول الغربية.

دروس التاريخ في أمريكا

وجاء في تقرير نشرته وكالة رويترز :

عندما ننظر نظرة سريعة على تاريخ أمريكا نجد أن عصور الأمان وعصور التهديد غير متماثلة عندما تكون مكررة ولكنها متناغمة.

حيث كانت هناك انقسامات عديدة، داخل المستعمرات الأمريكية، حول قضايا اجتماعية واقتصادية، في أواخر القرن الثامن عشر. لكن تهديد بريطانيا ساعد في توحيد المستعمرات المختلفة، حتى تم التوصل معا، لتشكيل مجلس الكونغرس عام 1779، وفي عام 1798، تسبب الخوف من دولة فرنسا، إلى التحريض على الفتنة، وصدور قوانين تخص الأجانب فقط، مما أدى إلى ترحيل الأشخاص الغير المواطنين القادمين، من دول معادية.

لكن في القرن التاسع العشر ومع السنين الأولى، مهد عصر التهديد، طريق قدوم عصر الأمان، فبعد أن تميزت  أمريكا، بموقع استراتيجي  تحميه المحيطات الشاسعة، ويعززه تطور الاقتصاد السريع والنمو السكاني، كشف الافتقار لوجود العدو، الانقسام الطائفي، وأفسح الطريق إلى حرب أهلية، توقعها الرئيس ابراهام لينكولن.

فقد كان تركيز الأمريكيون، دون وجود عدو أجنبي يشغل تفكيرهم ، على الانقسامات التي يعيشونها في الداخل وخاصة العبودية، ولا يوجد دليل على ذلك، أقوى من أن وزير الخارجية الأمريكي اقترح عشية الحرب الاهلية، إعلان الحرب على إسبانيا وفرنسا، لتشكيل عدو واحد، عن عمد ولمنع الانفصال، على اعتبار أنه في حال تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية، للهجوم من قبل دولة أجنبية، فإن سكان ساوث كارولينا، سينتفضون لإنقاذ ولاية نيويورك.

أزمة نفسية أدت إلى إعادة روح  الوحدة بين الأمريكيين

غالبا ما تتسع الانقسامات الداخلية وتتسع، عندما  تتبدد التهديدات الخارجية. فقد كونت فترة ما بعد الحرب الأهلية مساحة من الزمن، لتقليص التهديد والخطر الخارجي، دامت حتى أواخر القرن التاسع عشر. وقد اعتبر  المؤرخ ريتشارد هوفستاتر، أن هذه الفترة أدت  إلى تشكيل أزمة نفسية، في تسعينات القرن التاسع عشر، نتجت عن الكساد الذي حصل في عام  1893، وصعود الحركة الشعبية و إغلاق الحدود، و الانتخابات التي بثت الانقسامات عام 1869،وهذه الأزمة النفسية، هي التي شجعت شعب أمريكا، على خوض الحرب الأمريكية الإسبانية، عام 1898، وبالتالي ساعدت على عودة روح التضامن، والوحدة بين الأمريكيين.

وعندما خاضت الولايات المتحدة الأمريكية، الحرب العالمية الأولى عام 1917، تسبب مزيج من الغضب والخوف والمثالية وآلة الدعاية الحكومية الحديثة ، بحدوث ولادة جديدة للوطنية في صفوف الأميركيين.

خطر شديد في أمريكا

تميزت  سنوات ما بين الحرب العالمية الأولى والحرب العالية الثانية ،  بحرب  مفتوحة  بين فئات عديدة في المجتمع، بين  العمال وأصحاب الأعمال، وبين السود و عناصر حركة كو كلوكس كلان العنصرية ، وبين الأمميين والمهاجرين، وبين المحافظين و التقدميين، وعاد التهديد مرة آخرى، بقدوم أربعينيات القرن الماضي، ودخلت أمريكا حقبة من الخطر الشديد، أثناء الحرب العالمية الثانية وأوائل الحرب الباردة، فقد تعرض أمن الولايات المتحدة، للخطر من قبل الدول الكبرى مثل  اليابان و ألمانيا والاتحاد السوفياتي، وكذلك من خلال التقنيات الحديثة الناشئة، بما في ذلك الأسلحة النووية و القاذفات بعيدة المدى والصواريخ، التي كانت تهدد دولة أمريكا  بشكل مباشر، الأمر الذي جعل فترة الأربعينيات والخمسينيات، تحمل طابع وحدة اجتماعية نسبية.

الولايات المتحدة الأمريكية بلا عدو

تراجعت التهديدات الخارجية لأمريكا في الثمانينيات والتسعينيات،بشكل حاد حتى انهار الاتحاد السوفيتي وانتهت الحرب الباردة، وهذا كله كان سببا، في  ظهور الانقسامات والخلافات الداخلية، من جديد في الدولة، حيث تميزت فترة، رئاسة بيل كلينتون، و الرئيس جورج دبليو بوش، وباراك أوباما، والرئيس دونالد ترامب، ورئاسة جو بايدن في العام الماضي، بخلافات وانقسامات متصاعدة، كان أهم أسبابها، ما قاله السياسي السوفيتي جيورجي أرباتوف للأمريكيين :

“سنحرمكم من عدوكم، وسنقوم بعمل شيئا فظيعا لكم.”

كانت فترة التسعينيات في أمريكا  سلاماً وازدهاراً، لكنها كانت أيضاً فترة ارتباك، بخصوص مكانة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم.

الولايات المتحدة الأمريكية اليوم

أصبحت أمريكا  اليوم تختلف عن الأمس، فهي مازالت تحتفظ بسلطتها العسكرية، وقوتها الاقتصادية الضاربة ولكن رغم ذلك، فهي غير قادرة على مواجهة دولتين قويتين مثل روسيا والصين.

لذلك يجب على واشنطن، أن تقوم بقيادة الغرب. من خلال مجموعة جديدة ووحدة جديدة، وبذل جهد أكبر. من أجل إنقاذ نظام دولي قائم على القواعد، وذلك بإنشاء مجموعة تضم 12 دولة. كما سيكون لحلف الناتو، مقعدا خاصا به على طاولة المفاوضات، في جميع المحادثات المتعلقة بالأمن.

اقرأ أيضا مقالة عملية تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.. ودور الإمارات العربية المتحدة فيها

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لمتابعة تصفح الموقع يرجي إيقاف الإضافة .. وذلك تقديراً لجهود القائمين على الصحيفة