الجماعات السياسية المتصارعة في العراق … ما حقيقتها؟
الجماعات السياسية المتصارعة بين مصلحة الوطن ... ومصالحها الشخصية في الوصول إلى الثروة والسلطة
منذ أن تم الإعلان عن نتائج الانتخابات في العراق ، والتي جرت خلال شهر (أكتوبر) من العام الفائت. حتى بدأت “الجماعات السياسية” تتصارع على السلطة ، بكل الوسائل التي أتيحت لها. لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، ألا يجب أن يكون تفكير قادة هذه الجماعات السياسية المتصارعة وما يخططون له ، يصب في المصلحة الوطنية أولاً؟
ولماذا تقوم الجماعات السياسية المتصارعة ، بزج أتباعها من العامة ، في محاولة السيطرة على السلطة وغيرها من الثروات؟ عوضاً عن إتباع الطرق القانونية ، وفض خلافاتها السياسية من خلال الحوار البناء؟
بدء عرقلة المسارات بين الجماعات السياسية المتصارعة
فاز “التيار الصدري” بأكبر عدد من المقاعد ، والتي بلغ تعدادها 73 مقعداً ، ومع هذا فلم يستطع أن يشكل حكومة ، رغم تحالفه مع عدة قوى أخرى نجحت في الانتخابات ، ومنها “تحالف السيادة” و “الحزب الديمقراطي الكردستاني” ، والسبب يرجع إلى العراقي، التي قامت الجماعات السياسية المتصارعة المنافسة له بوضعها في طريقه ، مثل جماعات “الإطار التنسيقي” ، بدءا من تنظيم الاعتصامات ، وصولاً إلى “الدولة العميقة” ، من أجل عرقلة مسار “تشكيل الحكومة” ، وذلك بسبب عدم حصولهم على الفوز الذي يحقق رغبتهم. وفق ماجاء في صحيفة CNN
الإطار التنسيقي والتيار الصدري
أما عن “الإطار التنسيقي” في الجماعات السياسية المتصارعة ، والذي يوالي إيران ، كان اعتراضه على إنشاء حكومة ، ذات “غالبية سياسية” تقوم باستثنائه ، على خلاف ما جرى سابقاً ، وهو إنشاء “حكومة توافقية” تنضوي تحت قيادتها.
وبما أن “التيار الصدري” هو الفائز الأكبر ، فقد رأى أنه لا حاجة لإقامة تحالفات مع خصومه ، وأنه يستطيع تشكيل حكومة عن طريق الدستور.
استخدام الأسلوب العسكري بين الجماعات السياسية المتصارعة
مع عدم فلاح الاعتصامات التي نظمها عناصر مليشيات الجماعات السياسية المتصارعة ، قررت قوى “الإطار التنسيقي” وما يتبعها من مليشيات ، باللجوء إلى الأسلوب العسكري ، عبر الهجوم على حلفاء “التيار الصدري” مع المحافظة على عدم الاصطدام المباشر.
ومن ضمن الهجمات التي نظمتها مليشيات الجماعات السياسية المتصارعة ، هو استهداف منزل “رئيس الوزراء” من خلال إرسال طائرة بدون طيار ، ومنزل “رئيس البرلمان” من خلال هجمات صاروخية ، و “الحزب الديمقراطي الكردستاني” ، و “مطار أربيل” الذي استهدف بالكاتيوشا ، وغيرها من الأهداف …عدا عن تدخل “الحرس الثوري الإيراني” في الصراع ، وقيامه بالهجوم على منزل ضمن محافظة “أربيل” ، بحجة أنه مقر “للموساد الإسرائيلي” ، وهذا ما اعتبره الأغلبية ، أنه انتهاك سافر لسيادة العراق وشؤونه.
الدولة العميقة ودورها بين الجماعات المتصارعة
استنفرت “الدولة العميقة” بكامل قوتها وأجهزتها ، لمنع قيام “حكومة الأغلبية” ، والتي كانت التحالفات الثلاث تسعى إليها ، بسبب إفتاء “المحكمة الاتحادية” ، بأنه لانتخاب “رئيس للجمهورية” يجب أن يكون تعداد المصوتين على “ثلثي البرلمان” وهو وجود 220 نائب ، مما أدى في الوصول إلى طريق مسدود.
الجماعات السياسية المتصارعة وتضحية التيار الصدري
ومع وصول “التيار الصدري” لمرحلة اليأس من “تشكيل حكومة”. دعا حينها “مقتدى الصدر” ، جميع نوابه إلى تقديم الاستقالة من البرلمان. والذي اعتبر تضحية وطنية منه، لأنه ترك الساحة كاملة لخصومه ، ليقوم الشعب بتقييمهم لاحقاً.
وحسب القانون ، فإن النائب الذي يستقيل ، يتم استبداله على الفور بمرشح آخر خسر سابقاً.
ولذلك تم استبدال كل من استقال بمرشح آخر من قوى مختلفة ، وهذا ما أدى إلى ذهاب معظم المقاعد إلى “الإطار التنسيقي” والذي أصبح من حقه ، أن يسمي “رئيساً للوزراء” ، وقد رشح إليه “محمد شياع السوداني”.
عرقلة جديدة بين القوى المتصارعة في العراق
نتابع موضوع مقالتنا الذي يدور حول الجماعات السياسية المتصارعة في العراق وحقيقتها. وأما عن “التيار الصدري” الذي اتهم “الإطار التنسيقي” بعرقلة تشكيل الحكومة ، قام هو الآخر باللجوء إلى هذا الأسلوب. وذلك عبر احتلال “البرلمان” وإيقاف انعقاده ، منعاً لانتخاب “رئيس للجمهورية”. وعندما لم يفضي احتلال البرلمان لأي نتيجة تذكر ، لجأ عندها التيار إلى الاعتصام عند “مجلس القضاء” الأمر الذي أدى إلى إعاقة عمله وتعليقه إلى وقت لاحق.ومن جهة أخرى قامت قوى “الإطار التنسيقي” التي خلقت هذه الأزمة ، والتي تسيطر على “البرلمان” باللجوء إلى إرسال أتباعها إلى الساحات والشوارع ، لتثبت للتيار أنها ليست أقل قوة منه ، مع أنه ليس من حقها ممارسة الاحتجاج ، بسبب وجودها ضمن “مؤسسات الدولة” ، وليست من عامة الشعب.
الأولويات التي تسعى إليها الجماعات السياسية المتصارعة في العراق
نستنتج من هذا عدم اهتمام القادة العراقيين من القوى السياسية المتصارعة بالمصلحة العامة وأمن العراق. بل انصبت جميع أولوياتهم على مصالحهم فقط ، متناسين أن إضعاف الدولة ، يؤدي إلى الضرر بمصلحة اتباعهم.
وبدلاً من قيام “الجماعات السياسية المتصارعة”. بتخفيف الأزمة الجارية في العراق ، أصبحت تتسابق على إمكانية تعطيل عمل المؤسسات في الدولة وعرقلة سير القضاء. مما يؤدي إلى تقليص “التأييد الشعبي” لهذه القوى السياسية المتصارعة.
مما يبدو أن الخلافات عميقة جداً ، ولم تؤدي جلسات الحوار بالتوصل، لأي من الحلول التي تفضي بين الطرفين. وأن هذا الخلاف هو خلاف شخصي بين “الصدر” و “المالكي”.
اقرأ أيضا مقالة الاتفاق النووي الإيراني وما يتم من مماطلات أمريكية