الشرق الأوسط وأمريكا والعرب … ماذا وراء الأكمة؟
أعلن الملك الأردني عبد الله الثاني، دعمه تشكيل حلف ناتو الشرق الأوسط، “تحالف عسكري”، وقال: ” إن مهمة هذا التحالف يجب أن تكون واضحة جدا. ودوره يجب أن يكون محددا جدا، وإلا فإنه سيسبب الإرباك للجميع “.
و بالتزامن مع ذلك، يتأهب رئيس أمريكا جو بايدن، لعقد قمة في السعودية، أثناء زيارته للشرق الأوسط. ويقال أن الإدارة الأمريكية عقدت اجتماعا سريا، لكبار المسؤولين العسكريين من دول عربية واسرائيل. في شهر آذار الماضي في مدينة شرم الشيخ.
إن الشرق الأوسط، يبدو على مشارف تحولات حاسمة ومفصلية. وتطورات زلزالية، في منطقة عالمية وإقليمية شديدة الاضطراب، فماذا يوجد وراء الأكمة؟
الطاقة وأمن إسرائيل
إن الحفاظ على ضمان أمن إسرائيل، وأمن الطاقة وتدفق الغاز ومشتقاته، عنصرين يحكمان علاقة أمريكا بالشرق الأوسط. علاقة كانت درجة شدتها متفاوتة. بين الولايات المتحدة ودول المنطقة، منذ الحرب العالمية الثانية، وحتى وقتنا هذا.
بعض العلاقات اتسمت بالعداوة المتبادلة، مثل مصر الناصرية وإيران. وبعضها وصل إلى التحالف استراتيجيا مثل تحالف دول الخليج، وفي ظل إدارة جو بايدن الحالية وصلت العلاقات بين أمريكا والعرب، إلى مستوى غير مسبوق من الهشاشة والجفاء. إلى أن اشتعلت الحرب الروسية في أوكرانيا، فتغير الوضع رأساً على عقب!
وأخيرا رضخ الرئيس الأمريكي جو بايدن، وسيأتي إلى السعودية، ويلتقي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في منتصف شهر يوليو / تموز المقبل، كما يعتزم عقد قمة مع مصر والأردن والعراق، ودول مجلس التعاون الخليجي الست.
ينبغي قراءة دوافع التحول الأمريكي، قراءة دقيقة حتى لا ينجرف العرب إلى مرحلة خطيرة.
إن أول خطوة في هذا الأمر، إدراك هدف واشنطن، تجاه العرب بشكل احترافي أكثر.
ينبغي ألا تحدد، مكانة أمريكا كقوة عظمى وحدها، أسلوب التعامل معها، لأن العرب لهم مصالحهم يجب رعايتها، وهم يملكون أوراق ضغط، تمكنهم من المناورة والإقناع.
متى كانت الارادة عندهم متوفرة.
وتدل زيارة جو بايدن المنتظرة إلى السعودية، على حاجة أمريكا الحيوية لهذه الزيارة في المقام الأول. ودليل على أن السعودية خصوصا، والدول الخليجية ومصر والعراق والأردن، لهم دور كشريك لا يمكن تجاوزه، في منطقة الشرق الأوسط.
تحالف ناتو الشرق الأوسط
تسعى أمريكا إلى تشكيل تحالف إقليمي “ناتو الشرق الأوسط”، بحيث تتوافق اتجاهات الدول الأعضاء فيه ، مع خطوط أمريكا العريضة، في المنطقة والعالم، وتتمثل هذه الخطوط، في دفع دول الخليج إلى ضخ إمدادات نفط وغاز كافية إلى الأسواق العالمية، من أجل تعويض خسارة النفط الروسي ، نتيجة العقوبات الغربية على روسيا ، في محاولة لكسرها، وعزلها وتقليص قوتها ودورها عالمياً.
كما يستعد الرئيس بايدن، لاحتمالات فشل محادثات فيينا بخصوص، الملف النووي الإيراني ، بعد أن وصلت هذه المفاوضات إلى طريق مسدود. ومن ثمّ سيقوم بالسعي لتحقيق ما تطمح إليه إسرائيل. وهو انضمام الدول العربية التسع، وإسرائيل و تركيا، في تحالف لمواجهة طهران ، أو منازلتها بشكل فعلي.
كما أن تلك الدول، ترحب باعتزام الرئيس الأمريكي، إحياء العلاقات بين أمريكا ودول الخليج، بعد يأسها من سياسته تجاه إيران.
يراهن جو بايدن على رحلته المرتقبة إلى الشرق الأوسط من أجل توسيع التطبيع بين الدول العربية والخليحية وإسرائيل.
مناقشات دول الشرق الأوسط حول الدفاع المشترك
جاء في صحيفة BBC، نقلا عن صحيفة الوول ستريت أن الولايات المتحدة، قامت بتنسيق اجتماع في شرم الشيخ، يجمع للمرة الأولى، كبار الضباط من السعودية والإمارات والبحرين وقطر والأردن وإسرائيل، لمعرفة كيف سيتم التنسيق والتعامل صواريخ إيران والطائرات من دون طيار.
كما أوضحت الصحيفة أن هذا التعاون العسكري، لم يكن ابدا متخيلا لعقود، لكنه الان أصبح ممكنا. بسبب تشجيع أمريكا والتطبيع مع إسرائيل، والمخاوف من طهران.
كذلك أضافت، أن إيران ليست الخطر الوحيد، فهناك الجماعات السنية المتشددة، التي تسعى لتطوير طائرات من دون طيار من أجل تنفيذ الهجمات.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت الصحيفة، إلى رغبة الدول العربية في الوصول، إلى الأسلحة الدفاعية الإسرائيلية المتطورة تكنولوجيا.
مشروع أمريكا في الشرق الأوسط
إن مشروع أمريكا في الشرق الأوسط، يستند إلى تحالفات عديدة، من أجل ملء الفراغ، الذي يتركه غياب حلف كحلف الناتو، ولا يمكن إسقاط حلف الناتو، في أوروبا على شرق آسيا، لأن العلاقات الاقتصادية المتشابكة، مع الصين، وضعف الإمكانيات العسكرية، لحلفاء أمريكا، تجعل تجربة بناء، حلف ناتو الشرق الأوسط، بالغة الصعوبة.
وعندما اتجهت الصين، لتوقيع اتفاق شراكة مع إيران ، مهدت لظهور محور الصين، وإيران والعرب وروسيا، المناهض لدول الغرب.
تسعى الولايات المتحدة الأمريكية، لتطويق روسيا والصين، من خلال سلسلة من الحلفاء في آسيا وأوروبا، مما قد يدفع الصين وروسيا، للنظر إلى ناتو الشرق الأوسط، نظرة ريبة وشك وعدم ارتياح، وبالتالي ستبقى المنطقة ساحة تجاذبات بين القوى الكبرى.
ولو ان العرب امتلكوا في هذه المحنة براعة الحركة، بين الخطوط الاستراتيجية الحمراء، لكانوا قد حجزوا مكانة متقدمة في ترتيبات النظام الدولي.
اقرأ أيضا مقالة سوريا وأوكرانيا.. ما التداعيات المتوقعة لقطع العلاقات بين سوريا وأوكرانيا؟