الصاروخ البولندي … من المستفيد من سقوطه؟
عند توجيه أصابع الاتهام إلى أوكرانيا توقفت الأصوات والأقلام كلها عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية
أسفر سقوط الصاروخ البولندي ، عن مقتل مواطنين بولنديين، داخل الأراضي البولندية التي تتاخم الحدود الأوكرانية.
كادت هذه الحادثة أن تشعل نيران حرب عالمية ثالثة، كما عبرت الأوساط الإعلامية والسياسية في موسكو. فما إن انخفضت الأصداء التي تركها خطاب رئيس أوكرانيا زيلينسكي إلى الأعضاء المشاركين في قمة العشرين بجزيرة بالي في إندونيسيا، محاولا فيه أن يؤجج المواجهة مع روسيا، وجمع المزيد من الجهود من أجل طردها من المنظمات الدولية والمحافل، حتى توجه مسرعا لتوجيه الاتهام إلى روسيا بقصف بولندا عقب الضجة التي تعالت بسبب سقوط الصاروخ، ولم تكن قد توصلت الجهات المعنية بعد إلى إثبات صلة موسكو بهذه الحادثة.
وقد أصدرت وزارة الدفاع الروسية بيانها ، نفت فيه أن تكون لروسيا صلة بالأمر، وأن جميع الضربات التي كانت توجهها إلى الأراضي البولندية، كانت على مسافة لا تقل عن 35 كيلو متر عن حدود أوكرانيا مع بولندا. ورغم تعجل روسيا في إصدار بيانها، استدعت وزارة الخارجية البولندية السفير الروسي في بولندا، وطالبته بتفسير ما حدث بالتفصيل وسط أجواء عدائية، كما وصفت المصادر الروسية الرسمية، التي أكدت أن اللقاء كان عدائي يفتقر حتى إلى التصافح بالأيدي.
وقد أعلن المتحدث الرسمي باسم حكومة بولندا “بيتر مولر”. أن القوات المسلحة البولندية في حالة تأهب قصوى، كما عقد عدد من دول حلف الناتو و قادة دول مجموعة السبع الكبار اجتماعا طارئا على هامش القمة في أندونيسيا، وفي الوقت نفسه وجهت القيادات الأوكرانية والكثير من المصادر الغربية الأخرى اتهاماتها إلى روسيا بأنها السبب وراء سقوط الصاروخ البولندي.
والملفت في هذا الأمر أن البيانات والتصريحات التي صدرت من القيادة الأوكرانية وقيادات بلدان البلطيق، كانت حادة كثيرا، وتتضمن مفردات تنادي وتطالب بمعاقبة روسيا بسرعة،وتطبيق نص المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو، والذي ينص على “أن الهجوم على أحد أعضاء حلف شمال الأطلسي يوفر حمايته من قبل جميع أعضاء الحلف الآخرين” .
موقف الناتو من سقوط الصاروخ البولندي
أعلن “ينس ستولتنبيرغ” الأمين العام لحلف الناتو أنه لا يوجد تأكيدات على أن إطلاق الصاروخ البولندي كان متعمدا. ولا على أن موسكو تقوم بتنفيذ أعمال ضد الحلف، كما أن المعطيات تدل على إطلاق صواريخ دفاع جوية أوكرانية.
كما كشف الأمين العام “ستولتنبيرغ” عن أن حلف الناتو يحتفظ حتى الآن بخطوط اتصال مع روسيا. حتى وإن عاد ليحمل روسيا مسؤولية سقوط الصاروخ الأوكراني في الأراضي البولندية. لأنه لو لم يكن هناك حرب لما حدثت تلك الحادثة على حد وصفه.
وكانت المصادر الرسمية الروسية، حريصة على عدم الانسياق وراء المهاترات السياسية والإعلامية. والتركيز على ما يصدر من الكرملين ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع.
إشادة بموقف الرئيس الأمريكي
وفق وكالة رويترز، أعلن” دميتري بيسكوف” المتحدث الرسمي باسم الكرملين، أنه لا علاقة لروسيا بهذه الحادثة، وندد بردود الأفعال الهستيرية التي صدرت عن مسؤولين كبار، وهي إشارة إلى ما أدلى به الرئيس الأوكراني “زيلينسكي” من تصريحات تضمنت اتهامات إلى روسيا، وطالب بالإسراع إلى اتخاذ أقصى العقوبات ضدها من جانب المجتمع الدولي .
كما أشاد المسؤول الروسي بموقف أمريكا، وما اتسم به على حد تعبيره بضبط النفس.
وقد التزمت موسكو الرسمية بضبط النفس كثيرا في ما صدر عنها من تصريحات بناء على ما توفر لديها من معطيات ومعلومات مؤكدة حول أن الصاروخ البولندي أوكراني الهوية، ولم يمض وقت كثير حتى تبدلت الأجواء، وأصبحت تجنح نحو العقلانية التي ظهرت أولى ملامحها بما صرح به الرئيس الأمريكي “جو بايدن” حيث جاء في تصريحاته إن المعلومات الأولية تبطل هذه الفرضية، ولا يريد أن يقول أي شيء حتى يكتمل التحقيق لكن من غير المعقول أن يكون هذا الصاروخ قد تم اطلاقه من الأراضي الروسية.
كما أضاف الرئيس بايدن أنه سيتابع الموضوع من أجل معرفة الظروف الدقيقة، لحادثة سقوط الصاروخ على بولندا. وبعد ذلك يتم تحديد الإجراءات التي يجب اتخاذها.
من المستفيد من سقوط الصاروخ البولندي؟
أصبح مؤكدا عدم صلة روسيا بحادثة الصاروخ البولندي جملة وتفصيلا. وازاء ذلك انطلقت أصوات روسية تؤكد أن ذلك يصب في غير مصلحة روسيا. وأنه عند تقصي أسباب أية حادثة البدهية القانونية تقتضي الكشف والاثبات لمصلحة من؟، ومطالبة كل الجهات المعنية بالبحث عن الجهة المستفيدة الأولى من تأجيج نيران الاتهامات والشكوك ضد موسكو.
وعند توجيه أصابع الاتهام إلى أوكرانيا توقفت الأصوات والأقلام كلها عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية. كما جنحت إلى ضرورة وقف إطلاق النار والتحول باتجاه المحادثات. وهناك من يقول في روسيا أن هناك في أوكرانيا من يرى أنه يجب حل الصراع دبلوماسيا.
وتحاول الإدارة الأمريكية أن تطرح ذلك في صدارة توصياتها إلى الرئيس الأوكراني زيلينسكي. من خلال الاتصالات واللقاءات التي يقوم بها مستشار الأمن القومي الأمريكي “جيك سوليفان” أثناء رحلاته إلى كييف.
اقرأ أيضا مقالة وزير الخارجية الكويتي بعد تنفيذ حكم الإعدام.. نرفض رفضاً قاطعاً التدخل في شؤوننا الداخلية