سياسة

الصين ودول الخليج … التحديات والدوافع

إن دول مجلس التعاون الخليجي تنظر إلى الصين وجميع دول آسيا على أنها مفتاح لمستقبلها الاقتصادي

ثلاث قمم صينية يتوقع المراقبون عقدها في المنطقة قمة تجمع الصين ودول الخليج. وقمة تجمع الصين مع السعودية، وقمة صينية عربية، حيث تشير التحركات الدبلوماسية إلى اهتمام الصين المتزايد بالشرق الأوسط واهتمام عربي خليجي بالعلاقات مع الصين.

ولكن تثار تساؤلات في ظل التقارب الصيني الخليجي بخصوص الأسباب والتداعيات المحتملة. وخاصة أن هناك علاقات قوية مع الجانبين المتنافسين لكل منهما وهما أمريكا وإيران.

ومن أجل أن نفهم العلاقات بين الصين ودول الخليج في الوقت الراهن وفي المستقبل. لابد أن نضعها في إطار ثلاثة محددات أساسية، الأول حاجة الصين المتزايدة للطاقة، والآخر هو سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة التي تعمل على تقليل التواجد الأمريكي فيها ، والثالث هو مستقبل دول الخليج وفق رؤيتها.

دوافع علاقات الصين ودول الخليج

بالرغم من أن الصين تعتمد على مزيج الطاقة. إذ أنها مازالت تعتمد على الفحم، بالإضافة إلى النفط الذي سيظل توريده كوقود استراتيجي مهم جدا لأمن الصين،ومن ثم سيكون لهذه الواردات تأثير على مسارات التجارة والطاقة العالمية، كما ستؤثر سلبيا بشكل كبير على السياسة الصينية الخارجية والأمن.

لذلك بالرغم من أن ازدياد اهتمام الصين بالشرق الأوسط يعود إلى تزايد طلبها على الطاقة. إلا أن الصين ودول الخليج أصبحا شركاء في مجالات عديدة أخرى. مثل الاستثمار في البنية التحتية والخدمات وتجارة السلع والتكنولوجيا الرقمية والقضايا التي تتعلق بالأمن والدفاع.

تعاون الصين و الخليج واعتمادها على استيراد الطاقة منها ليس جديدا حيث كانت السعودية و عمان واليمن  وإيران إلى جانت إندونيسيا وروسيا شركاء الصين الرئيسيين مابين ما بين 1993 و1998، ولكن منذ عام 2000 ازدادت حاجة بكين إلى النفط ، وارتفعت مكانة الخليج في الصين، نتيجة ازدياد حجم الاقتصاد الصيني، حيث تقوم بكين باستيراد 70% من استهلاكها النفطي من دول الخليج.

تحديات وتداعيات التقارب الصيني الخليجي

وربما تثير المشاركة السياسية المتزايدة لبكين في منطقة الشرق الأوسط، تحديات مرتبطة بعلاقة الخليج مع أمريكا علاقة الصين مع إيران.

ووفق وكالة رويترز تحرص الصين أن تكون اللاعب الأساسي في السياسة والأمن في منطقة الشرق الأوسط، وطبعا عندما يتم مقارنتها بتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة فإنها أغلب الحالات تتجنب التورط بشكل مباشر في الالتزامات أو مناطق الصراع الغير ضرورية والطويلة الأجل، كما أنها تحقق التوازن الدقيق بين علاقتها مع دول الخليج وإيران فهي تدرك الصراع والتنافس بين الطرفين.

وقد حققت ذلك من خلال التوازن بين زياراتها لدول الخليج وزياراتها لإيران. كما أنها اقترحت تصور للأمن الإقليمي في الشرق الأوسط، لأنها تريد المنطقة أكثر استقرارا. وذلك من أجل تنفيذ مشروعها الضخم مبادرة الحزام والطريق، وأيضا من أجل استثماراتها.

إن مركزية دول الخليج بالنسبة لمصالح الصين في الشرق الأوسط. دفعت بكين للنظر إلى دول الخليج كسوق ممكنة للاستثمار، سواء كوجهة للتكنولوجيا الصينية مثلG5 والذكاء الصناعي أو بالنسبة للصناعات الثقيلة، مثل الموانئ والسكك الحديدية، وترى دول الخليج أن في ربط مبادرة الحزام والطريق الصينية بالإصلاحات الهيكلية فائدة مثل “رؤية السعودية “2030.

علاقات الصين ودول الخليج متوازنة

إن دول مجلس التعاون الخليجي، تنظر إلى الصين وجميع دول آسيا على أنها مفتاح لمستقبلها الاقتصادي. بالرغم من أنها مازالت تعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الأخرى، في الأمور التي تتعلق بالأمن والدفاع.

حيث أن دول الخليج لها رغبة بتنويع علاقاتها. من أجل أن تتجنب الاعتماد المطلق على أمريكا. فقد استطاعت حتى الآن أن تتبع سياسة خارجية تتصف بالتوازن الدقيق أي أنها حريصة على الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع أمريكا مع تطوير علاقاتها الاقتصادية مع الصين.

المفارقة أن علاقات الصين والخليج متوازنة مع علاقاتها مع إيران. وتزايد حاجة جميع الأطراف الاقتصادية كان سببا في هدوء و استقرار أمن منطقة الخليج العربي والممرات البحرية التي تتصل بها. مثل مضيق هرمز الذي يعتبر ممرا مهما بالنسبة إلى الصين لإمدادات الطاقة. ومن ثم تتوقف إيران عن تهديداتها المستمرة التي لها علاقة بأمن ممرات الطاقة.

ولكن قد يؤدي تعزيز العلاقات المتنوعة والقوية  بين الصين ودول الخليج إلى تزايد قلق الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت أنها ستتوجه شرقا وتخفف الانخراط في الشرق الأوسط، لأنها تعتبر أن الخطر والتهديد الحقيقي لها قادم من الصين.

اقرأ أيضا مقالة السلاح النووي .. متى يصبح حتميا في حرب أوكرانيا؟

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لمتابعة تصفح الموقع يرجي إيقاف الإضافة .. وذلك تقديراً لجهود القائمين على الصحيفة