سياسة

المؤامرة الأمريكية الإيرانية … خرافة أم واقع 

إن جميع القرارات السياسية لها مطابخ منها مطابخ علنية ومنها مطابخ غير مرئية منها ضمن غرف في البيت الأبيض، ومنها في مرآب منزل سياسي سابق

في كل لحظة وفي كل يوم نقرأ، أو نسمع روايات أو أصوات. تدين المؤامرة الأمريكية الإيرانية على منطقة الشرق الأوسط وشعوبها، وتحكي كيف باعتنا الولايات المتحدة الأمريكية، لطهران  والملالي على حساب العرب والأقليات.

وأيضاً يفصح أصحاب هذه الروايات، عن عدة سيناريوهات مثيرة عن التآمر، ويقومون بربط الأحداث بالمؤامرة الصهيونية الكبرى، حيث يؤكدون أن إسرائيل والفرس شركاء وحلفاء منذ آلاف السنين، ودائما يتأمرون على العرب وبقية الشعوب.

التطورات على أرض الواقع تفسر نظرية المؤامرة الأمريكية الإيرانية

يفسر أصحاب هذه الروايات التطورات الحاصلة في الوقت الراهن على أرض الواقع، بأنها أدلة وبراهين تثبت نظرية المؤامرة الأمريكية الإيرانية، التي يخطط لها وتنفذ. وأن واشنطن لا تريد الخير للمنطقة بمسلميها وأقليتها.

لقد باتت هذه الروايات أدغال من الاتهامات، ومنبعا لا يجف من غزارة الخيال، وهي ما يميز الثقافة السياسية في المنطقة منذ قرون.

لا يجوز أبدا أن يغرق الناس في منطقة العالم العربي في خرافات جديدة قديمة، تقول أن قوى الشر الدائم تقوم بحياكة المؤامرات ضد الأمم.

ولكن في المقابل  ترى أغلبية الناس في منطقة الشرق الأوسط  بأم العين، السياسات التي تتبعها واشنطن المتناقضة تماما، حيث تتخلى عن حلفائها وشركائها، وتسمح لإيران بأن تنتصر بالجولات الواحدة تلو أخرى.

كما أنها تتوسع عسكريا وسياسيا وأمنيا في المنطقة،وتطلق الصواريخ البالستية أينما تريد.

بالإضافة إلى ذلك، تفرض إيران شروطها في الاتفاق  النووي، وأمريكا تراقب وتتردد وتتراجع أمام عناد إيران.

إنها ليست خرافات بل أمور تحدث على أرض الواقع، وهي مرئية وملموسة، فكيف لا يصدق العالم العربي الخرافات التي تتعلق بالمؤامرة الأمريكية الإيرانية، والمسألة كيف يتمكن الناس من التمييز بين الوقائع والخرافات. وفق ما جاء في وكالة رويترز.

 مقياس التمييز بين المؤامرة والخرافة

والأن سنعرف مقياس التمييز بين المؤامرة الأمريكية الإيرانية والخرافات :

تبنى السياسات في الولايات المتحدة الأمريكية وكافة الدول الديمقراطية الليبرالية، على مبادئ الحوار  والنقاشات والتصويت على قرارات السلطة التنفيذية في الهيئات الاشتراعية، مع إمكانية نقض هذه السياسات أمام القضاء ، والتأثير عليها ومن خلال الصحافة، لدعمها أو رفضها، والاحتجاج ضدها أو التظاهر لمساندتها.

والأهم من ذلك يتم تبديل أي سياسة خارجية مع تغيير الرؤساء والحكومات، فليس هناك سياسة أزلية لا يمكن أن يتم تبديلها أو تغييرها أو تعديلها، بالمختصر ليست هناك مؤامرة دائمة تأتي بتقارير وقرارات جاهزة، من غرف مظلمة إلى التنفيذ مباشرة كما يعتقد كثيرون في العالم العربي.

إن المؤسسات والأجهزة الدبلوماسية والسياسية والعسكرية وغيرها، لا تأخذ الأوامر والتعليمات من متأمرين في غرف فنادق أو كهوف، بل من خلال أجهزة إدارية  ومؤسسات دستورية وبعد مناقشات عميقة يحسمها من يملك السلطة بذلك.

إن جميع القرارات السياسية لها مطابخ منها مطابخ علنية ومنها مطابخ غير مرئية، منها ضمن غرف في البيت الأبيض، ومنها في مرآب منزل سياسي سابق، والأهم من ذلك أن أكثر من يقوم بالتدخل في صناعة القرارات أو الوقوف في وجهها، هم من جماعات الضغط، الذين يطلق عليهم اسم اللوبيات، حيث تضغط هذه المجموعات من أجل مصلحة جهات داخلية، وأحيانا تضغط من أجل دولة خارجية لدفع القرارات أو التشريعات التنفيذية باتجاه أو آخر. والآن سنعرف الفرق بين المؤامرة الأمريكية الإيرانية والخرافة.

الفرق بين الخرافة والمؤامرة الأمريكية الإيرانية

لا يعتبر الضغط السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية مؤامرة، بل يعد جزءا من عمل سياسي لمصلحة أجندة محددة، والضغط السياسي أي اللوبي هو عمل طبيعي ومشروع، بشرط أن يتبع الشروط القانونية المتفق عليها، لذلك إن استطاع فريق أن يقنع الإدارة بتوقيع الاتفاق النووي الإيراني، لا يسمى هذا النجاح باسم  “المؤامرة الأمريكية الإيرانية” على العرب، بل هذا يعني أن لأمريكا مصلحة قومية في توقيع هذا الإتفاق، وأن الرئيس لديه قدرة دستورية أن يضع توقيعه مع الأكثرية في الكونغرس الأمريكي، أو إذا لم يحصل على الأكثرية يتم ذلك عبر قرار تنفيذي.

المفارقة أن الناخبين الذين قاموا بالتصويت للرئيس، قد لا يكونون من داعمين إيران أو ضدها. الا أنهم من مؤيدي سياسة الرئيس وهذا لا يعتبر أيضاً مؤامرة.

لذلك يجب على الرأي العام العربي ومنطقة الشرق الأوسط والإسلامي، فهم  آلية السياسية الأمريكية. فإذا جاءت لمصلحة هذه القضية أو غيرها، فهذا لا يعني أنها “مؤامرة أمريكية إيرانية” بل هي نتيجة تحرك اللوبيات. من أجل تلبية مصالح سياسية واقتصادية معينة. وهذا كان الوضع في الملف الإسرائيلي الفلسطيني. حيث أن الكونغرس الأمريكي يصوت دائما للدفاع عن إسرائيل ولصالحها، مهما كانت اكثريته الحزبية. وهو لا يعتبر مؤامرة صهيونية يهودية ضد الفلسطينيين والمسلمين والعرب. بل تأثير مجموعات الضغط السياسي المؤيدين لإسرائيل، التي تحظى بدعم الطوائف الإنجلية والجاليات اليهودية الأمريكية.

تسجيل اللوبي الإيراني

إذن عزيزي القارئ إن التحديد الدقيق هو “سياسات أمريكية” تحت تأثير جماعة الضغط السياسي أي “اللوبيات”. وليس “مؤامرات أميركية”. مثل ما هو معروف بالمؤامرة الأمريكية الإيرانية.

وقد تكون اللوبيات شركات كبرى  غايتها  دفع الكونغرس و الإدارات لعقد اتفاقات مع دول. قد تكون هذه الدول  أحيانا معادية لواشنطن ، مثل إيران  أو الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل حركة “طالبان”. وفي هذا الإطار يظهر عامل التدخل الخارجي، وهذا العامل مسؤول عن سياسات أمريكية توافق مصالح أجنبية. قد ينظر إليها على أنها مضادة لشركاء أمريكا ، بما فيها ملف الاتفاق النووي الإيراني.

هل يمكن تسجيل اللوبي الإيراني في وزارة العدل؟

لا يمكن تسجيل اللوبي الإيراني لأن النظام في إيران على لائحة الإرهاب. لهذا السبب النشاطات التي تقوم بها إيران، من أجل التأثير على سياسة أمريكا. إن حدثت داخلها أو من خلال أمريكيون هي، من قبل كيانات لها علاقة بالإرهاب أو تعمل معه.

لا نشير هنا إلى أعمال لها علاقة بالإرهاب وفق ماحدده القانون في أمريكا، بل مجرد أعمال لها أثر سياسي عادي

بما فيها التواصل مع سياسيين وإعلاميين وشركات.

عمليا لقد قام اللوبي الإيراني بخرق القانون الأمريكي سنوات وذلك، لأن له تأثير في شريحة من رجال الأعمال والمسؤولين الأمريكيين.

اي أنه بشكل مبدئي طبقت المؤامرة الأمريكية الإيرانية مع مراعاة القوانين ، والسؤال لماذا؟

الجواب هو، أن هناك قوة ضغط كبيرة تؤثر على  “اللوبي الإيراني” وتقف وراءه.  وهو” لوبي الاتفاق الإيراني” الذي يجمع الأطراف التي ستستفيد من هذا الاتفاق.

اقرأ أيضا مقالة لف اللاجئين .. مادة للابتزاز السياسي والمالي والبحر المتوسط أعظم مقبرة لهم

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لمتابعة تصفح الموقع يرجي إيقاف الإضافة .. وذلك تقديراً لجهود القائمين على الصحيفة