الوثائق السرية .. لماذا تكشف عنها الاستخبارات الأمريكية كل عام؟
تنشأ لحظة هامة وفاصلة، للباحثين عن الوثائق السرية و الذين يقومون بدراسة التاريخ الخفي، لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه اللحظة هي منتصف ليل 31 ديسمبر من كل عام.
حيث ترفع السرية عن الوثائق المخفية، ومن دون جرة قلم. و تفقد ملايين المستندات السرية التي عمرها 25 عاما وضعها المخفي. إلا عندما تسعى الوكالات الفيدرالية للحصول على استثناءات، تسمح أن تبقى هذه المعلومات مخفية للأبد. فلماذا تقوم الحكومة الأمريكية بالكشف عن أسرارها، وهل هذه العملية مقيدة أم شفافة؟
الوثائق السرية التي أصدر رؤساء أمريكا أوامر برفع السرية عنها
أصدر قادة أمريكا في أعوام 1995 و2003 و2006، أوامر رئاسية لرفع السرية عن الوثائق السرية، ومليارات الصفحات الخاصة بالوكالات الفيدرالية الأمريكية، وتشمل الأمن القومي ووزارة الخارجية والبيت الأبيض، وتحتوي على بيانات ومعلومات حساسة للغاية، كما قال عنها المسؤولون ويتعذر نشرها أمام الأخرين، لأنها تتضمن تاريخيا خفيا من الدبلوماسية والحروب، والأسلحة السرية والجواسيس، وكواليس قرارات رؤساء أمريكا، الأكثر مصيرية.
تميز عام 2006 بنشر وثائق سرية حكومية كبيرة، فقد رفعت السرية عن أكثر من مليار صفحة، لها علاقة بحرب فيتنام، وأزمة الصواريخ الكوبية، وشبكة العملاء السوفيات في حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، و270 مليون وثيقة من مكتب التحقيقات الفيدرالي، ولقد استغرق الباحثون سنوات طويلة، كي يطلعوا على تلك الصفحات التي مثلت تاريخ أمريكا السري،ذ لفترة مهمة جدا، من الحرب الباردة، بما فيها الأسلحة النووية والتعامل معها،وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، وعمل وكالة الاستخبارات الأمريكية في إيران، وتوثيق اتفاقيات كامب ديفيد، واتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية.
فهم التاريخ وفوائد نشر الوثائق المخفية
وفق ما جاء في وكالة رويترز، أصبح نشر الوثائق السرية منذ عام 2009 عملا دوريا، وذلك بموجب الحكم التنفيذي، رقم 13526 الذي قام بإصداره باراك أوباما، والذي يلزم الاستخبارات الأمريكية والوكالات الفيدرالية، بوضع إشارات على المستندات المخفية، لرفع السرية عنها، بشكل تلقائي بعد فترة زمنية تتراوح مدتها بين 10 و25 عاما، ماعدا تلك الوثائق التي تراها الوكالات بعد مراجعتها، أنها من الضروري أن تبقى سرية لفترة معينة، أو لأجل غير مسمى لاعتبارات تخص الأمن القومي الأمريكي، أو من أجل أشخاص محددين أو حفاظا على العلاقات مع بلدان أخرى.
والكثير من المراقبين، ومنهم أستاذ في العلاقات الدولية والعلوم السياسية، يدعى جون ديسيكو أن الوثائق السرية التي ترفع عنها السرية، تعتبر حيوية جدا من أجل فهم تاريخ سياسة الأمن القومي لأمريكا، لأنها تعتبر نوافذ على الأعمال الداخلية، لمؤسسة الأمن القومي والحكومة الأمريكية.
إن رفع السرية عن الوثائق تلقائيا، يزيد من فرصة الإفراج المحتمل عن المعلومات الأمنية المصنفة سريا، للباحثين ولعامة الناس. وهذا يغني معلوماتهم ومعرفتهم بالمؤسسات الديمقراطية لأمريكا، وتاريخها. وفي الوقت نفسه الضمان أن المعلومات التي مازالت، تسبب ضررا بالأمن القومي، محمية إلى أجل غير مسمى.
كشف الوثائق السرية مفيد للاستخبارات الأمريكية
إن رفع السرية عن الوثائق السرية، يفيد الاستخبارات الأمريكية، لأنه يساعد الشعب الأمريكي، على فهم عمل وكالات الاستخبارات وما تفعله، ولماذا وظيفتها خطيرة وحيوية للغاية.
ولقد أصبح التسامح العام أقل مع سرية عمل وكالات الاستخبارات عما كان عليه سابقا. حيث يطالب العامة، بأن يفهموا أكثر ما تفعله وكالاتهم الاستخباراتية، والتي أصبحت سرية بشكل مقرف وقوية بشكل لا يصدق. ولكي يكون مجتمع الاستخبارات قادرا على العمل ، لحماية الولايات المتحدة الأمريكية يحتاج إلى كسب ثقة الشعب الأمريكي. ومن أجل أن يحصل على هذه الثقة، يجب أن يكون على استعداد لرفع السرية قليلا، وكشف ما هو عليه حقا ليصل إلى العامة.
كيف يتم الإعفاء من رفع السرية؟
إن باقي الوثائق ستبقى كما هي سرية ، لأجل غير مسمى. ويتم وضع علامة الإعفاء على المعلومات المصنفة مخفية وسرية في الوثائق. التي تتطلب حماية دائمة . حيث يمكن لرؤساء الوكالات إعفاء الوثائق السرية ذات القيمة الدائمة، التي تجاوزت 25 عاما من رفع السرية بشكل تلقائي. وذلك عندما تحدد المعلومات على أنها من فئات الإعفاء، التي وردت في الأمر التنفيذي الرئاسي. وتتضمن الإعفاءات، استخبارات بشري، أو علاقة مع جهاز أمن تابع لمنظمة دولية أو حكومة أجنبية. أو الكشف عن هوية مصدر سري، أو الكشف عن أسرار خاصة بأسلحة الدمار الشامل.
اقرأ أيضا مقالة طائفة مون في اليابان.. ما علاقتها باغتيال شينزو آبي؟