خاركيف .. ماذا بعد خسارة روسيا لهذه المدينة ؟
استعادت أوكرانيا مدينة خاركيف، ولم تعد القوة الجوية الروسية قادرة على تحقيق أهدافها، بسبب الأسلحة الدفاعية التي حصلت عليها أوكرانيا
استعادت أوكرانيا مدينة “خاركيف” من أيدي الروس، من خلال هجوم مضاد بدأته في 5 من شهر أيلول الجاري، ويعتبر هذا الهجوم أول دليل تقدمه كييف للعالم، بأنها غير مصطنعة، كما ادعت روسيا، وأن الشعب الأوكراني ليس روسيا ولكن له هوية قومية متفردة، وأن القيادة فيها ليست نازية، وإنما قيادة وطنية تتمتع بشعبية متزايدة.
وقد استطاعت القوات الأوكرانية أيضا السيطرة على مدينة إزيوم ومدينة كوبيانسك، وكلتاهما مهمتان لوجستيا واستراتيجيا، لأنهما ملتقى الطرق البرية والنهرية، التي تصل إقليم دونباس مع باقي الأراضي الأوكرانية.
ولن تستطيع القوات الروسية أن تتقدم عسكريا في إقليم دونباس دون أن تفرض سيطرتها على هاتين المدينتين.
وقد تم العثور على مقابر جماعية في إزيوم، ودلائل تشير على تعذيب الروس للمقاومين الأوكرانيين، و بالتأكيد سوف يتم اتهام روسيا بارتكاب جرائم حرب.
فشل خطط روسيا في مدينة خاركيف
قبل أن تقوم أوكرانيا باستعادة خاركيف، كانت روسيا تخطط لإجراء استفتاء بهدف ضمها. ولكنها لا يمكنها فعل ذلك الان، كما فعلتها مع شبه جزيرة القرم عام 2014. بل أصبح وجود هذه المدينة بيد أوكرانيا مصدر قلق لروسيا، وخاصة بعد الخسائر التي تكبدتها مطلع الشهر الجاري.
ووفق صحيفة CNN ، تكبد الجيش الروسي نحو 70 إلى 80 ألفا بين جريح وقتيل، منذ شهر شباط الماضي.
كما أن روسيا لن يكون بامكانها، ارسال قوات كافية لمواجهة الجيش الأوكراني المدرب والمجهز بأسلحة غربية وامريكية متطورة.
لماذا لم تعد روسيا قادرة على تحقيق أهدافها؟
استعادت أوكرانيا مدينة خاركيف، ولم تعد القوة الجوية الروسية قادرة على تحقيق أهدافها. بسبب الأسلحة الدفاعية التي حصلت عليها أوكرانيا من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وفي الوقت الذي تناقصت فيه الأسلحة الروسية في المخازن، بسبب استمرار القتال، تتزايد أسلحة أوكرانيا في المخازن والمستودعات، بسبب دعم الدول الغربية والشرقية لها.
لم تتحقق خطط روسيا على أرض الواقع، لأنها اعتمدت على افتراضات عديدة، منها أن المقاومة في أوكرانيا ستنهار بسرعة، وأن القوات الأوكرانية سوف تنتهز الفرصة، وتسقط حكومة الرئيس “فولوديمير زيلينسكي”، الأمر الذي يدفع روسيا لدعم الحكومة الجديدة، التي ستجعل أوكرانيا حليفة لها، مثل دولة بلاروسيا، وقد وجه الرئيس الروسي بوتين خطابه مباشرة إلى الجيش الأوكراني قائلا: “سنتفاهم معكم إن تسلمتم السلطة”
بالإضافة إلى ذلك، افترض بوتين أن الولايات المتحدة الأمريكية ستدين هذه الحرب فقط. وربما تفرض بعض العقوبات على موسكو، كما فعلت عندما احتلت روسيا شبه جزيرة القرم. أما دول أوروبا ستكتفي بادانة الحرب لفظيا، لأنه لن يكون بمقدورها الاستغناء عن الغاز الروسي، الذي يدعم اقتصادها ويقوم بتسيير صناعاتها.
كانت حسابات روسيا خاطئة حيث أن مبادئ الدول الغربية ثابتة. فهي ترفض أن تتدخل عسكريا في شؤون الدول الأخرى، وخاصة القريبة منها جغرافيا وثقافيا، وبالأخص إذا كان هدف هذا التدخل توسيع سيطرة دولة معادية من خلال القوة العسكرية.
كما أن هناك عامل مهم آخر تناساه الروس وهو أن شعب أوكرانيا. مثل أي شعب يلتف حول رئيسه عندما يتعرض بلده إلى اعتداء خارجي، والروس هنا ساهموا في زيادة شعبية الرئيس زيلينسكي وتعزيز سلطته، فقد أصبح في نظر الكثيرين بطلا قوميا،خاصة بعد أن اتهمته روسيا بأنه نازي، وهذا غير صحيح فهو من ضحايا النازية، لأن أصوله يهودية.
خيارات روسيا بعد خسارتها خاركيف واستعادة أوكرانيا قوتها
بعد خسارة خاركيف، تستطيع روسيا مواصلة الحرب وتعبئة قواتها من جدي. لكي تبقى صامدة في إقليم دونباس، لكن هل ستتحمل روسيا الخسائر في الأرواح والأموال؟
سيكون بمقدورها تكبيد “كييف” خسائر مماثلة، ولكن ماذا ستجني من وراء هذه الحرب؟
أصبح الموقف الدولي واضحا وهو وقف الحرب الروسية الأوكرانية. وقد ظهر ذلك واضحا في أوزبكستان أثناء القمة الأخيرة التي عقدها دول منظمة شانغهاي للتعاون. حيث أشاد الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” على مضض بالموقف الصيني. حيث كان متوازن وغير داعم لروسيا. وفي الحقيقة هو أفضل ما تطمح إليه موسكو. لأن الصين كدولة عظمى ملتزمة بالقوانين الدولية، و مصلحتها التعاون مع أمريكا ودول الغرب وأوروبا.
اقرأ أيضا مقالة الملك تشارلز الثالث .. ما حكاية لعنة اسمه؟