سياسة

خطة التقشف في ألمانيا والسباق مع الزمن

إن القرارات الصادرة من الحكومة الألمانية هي حديث الشارع وشغله الشاغل

خطة التقشف في ألمانيا، أقرتها الحكومة في ظل ازدياد أزمة الطاقة وتفاقمها. حيث تعصف هذه الأزمة بألمانيا وأوروبا، بسبب الحرب الأوكرانية والعقوبات المتبادلة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا.

ويتضمن المرسوم الذي صادقت عليه حكومة ألمانيا، مجموعة إجراءات تقشفية، من أجل توفير الطاقة وترشيد استهلاكها. مثل منع اللوحات الإعلانية المضيئة، وتحديد حرارة أجهزة التدفئة في المرافق والمؤسسات والمباني العامة والحكومية.

وسيدخل هذا المرسوم حيز التطبيق، خلال أسبوع ويستمر لمدة ستة أشهر.

تفاصيل خطة التقشف في ألمانيا

لتطبيق خطة التقشف في ألمانيا، دعا وزير الاقتصاد روبرت هابيك المواطنين الألمان، للمشاركة في إنجاح المخطط الحكومي لترشيد استهلاك الطاقة بحسب ما جاء في صحيفة CNN.

وقال الوزير هابيك:أنهم لا يرغبون بقياس درجة الحرارة في غرف النوم وأنها حرية شخصية وهم يحترمون ذلك. ولكن إجراءات التقشف هذه تدعو الأسر في ألمانيا لتحمل المسؤولية والمساهمة مع الحكومة في تخفيض استهلاك الطاقة.

وتنوي الحكومة في ألمانيا أن تكون قدوة للمواطنين عند تطبيقها سياسية التقشف. حيث سيتم تحديد حد أقصى لحرارة التدفئة في المباني والإدارات العامة، عند 19 درجة بدءا من تاريخ 1 سبتمبر وفق المرسوم الذي تمت المصادقة عليه. الذي ينص أيضا أن تحدد درجة حرارة أجهزة التدفئة، عند 12 درجة حين يبذل الموظفون مجهودا عضليا شاقا، مع إعفاء المراكز الصحية والمستشفيات، وبعض المؤسسات والمرافق الاجتماعية من إجراءات خطة التقشف في ألمانيا.

كما سيتم إيقاف تشغيل أجهزة التدفئة في الأماكن العامة، مثل الممرات والردهات ما بين المكاتب. ولن يجد المواطن الألماني الماء ساخنة عند غسل يديه.

سياسة التقشف … شتاء بلا غاز في ألمانيا

يحذر محللون ومراقبون أن خطة التقشف في ألمانيا والإجراءات التي سيتم اتباعها، ليست كافية من أجل التغلب على أزمة الطاقة وتخفيف شدتها، وخاصة أنها ستنفجر خلال فصل الشتاء القادم قريبا، مع ازدياد الطلب على التدفئة، كما هو متوقع.

كذلك أشار المراقبون إلى أن أزمة الطاقة، قد تؤدي إلى حدوث اضطرابات اجتماعية في ظل ارتفاع أسعار السلع ومعدلات التضخم والمواد الغذائية، والمحروقات والكهرباء، ومشتقات النفط.

خطة التقشف في ألمانيا .. والعودة للفحم

إن القرارات الصادرة من الحكومة بخصوص خطة التقشف في ألمانيا، هي حديث الشارع فيها وشغله الشاغل. فالجميع يتحدث عنها وعن طرق خفض الاستهلاك. من أجل التقنين وتوفير الطاقة بكافة أشكالها من كهرباء وغاز وفحم، حتى في الوسط السياسي يدور الحديث نحو العودة مجددا، لاستخدام الطاقة النووية، من أجل الحصول على الكهرباء و التدفئة، بعد أن تخلت ألمانيا قبل سنوات عن توظيف الطاقة النووية.

وقد أعادت الحكومة الألمانية تشغيل بعض المولدات الكهربائية التي تعمل على الفحم. مما سبب إحراجا كبيرا، للشريك في الائتلاف الحاكم حزب الخضر الذي يعارضها. لكن برلين مجبرة على ما يبدو أن تلجأ، لهذا الخيار الذي يعتبر ضارا بالبيئة، في ظل شح الطاقة المستمر باستمرار الحرب الروسية الأوكرانية.

مشكلات لوجستية

خطة التقشف في ألمانيا، سيرافقها أيضا مشكلات لوجستية صعبة جدا، تتعلق بنقل الفحم وكيفية توريده إلى ألمانيا ، بسبب انخفاض منسوب المياه في الأنهار، الناتجة عن موجة الجفاف القاسية التي ضربت برلين وأوروبا عامة، وبالتالي تخفض الحمولات من السفن والشحنات من الفحم، وهذا يدل أن اللجوء للفحم لا يعتبر خيارا مفروشا بالورود.

وما يزيد الطين بلة أن الشتاء القادم، سيكون أكثر برودة كما هو متوقع. ولكن الألمان يتمنون أن يكون الشتاء أكثر دفئا، لأنه سيساهم في توفير استهلاك الطاقة. لكنه سيكون تأثيره سلبي على منسوب مياه الأنهار والمسطحات المائية بسبب شح مياه الأمطار، وأيضا ستستمر أزمة الطاقة وخاصة من جهة عرقلة الحركة التجارية.

ولكن إذا جاء هذا الشتاء بارد جدا، سترتفع مناسيب مياه الأنهار والمسطحات المائية. ولكن بالمقابل سيعاني الألمان الأمرين، بسبب البرد الشديد في ظل خطة التقشف في ألمانيا.

كيف ينظر الألمان لهذه الخطة؟

إن خطة التقشف في ألمانيا والإجراءات التي يجب اتباعها لمواجهة أزمة الطاقة، تواجه في صفوف الرأي العام الألماني انتقادات لاذعة جدا ، وخاصة بين الأسر الفقيرة والمتوسطة الحال، ولا سيما عندما دعا الوزراء المواطنين أن يتخلوا عن بعض الرفاهيات، في حين أن الناس يقولون إنهم قد تخلوا عن هذه الرفاهيات، منذ أكثر من سنتين مع بداية ظهور وباء كورونا.

وتتركز انتقادات الشعب الألماني على موقف ألمانيا من الغزو الروسي لأوكرانيا. لدرجة أن الاتحاد العمالي في إحدى ولايات ألمانيا خاطب منذ أيام “المستشار شولتز”. قائلا له : “هل انت ستدمر كل منجزات ألمانيا وتقوم بالتضحية بها من أجل أوكرانيا”.

إذن الحكومة في موقف صعب لا تحسد عليه. فهي حتى الآن تجهل ردة فعل الشعب عند تطبيق خطة التقشف في ألمانيا، فالشتاء على الأبواب.

اقرأ أيضا مقالة  “ليز تراس” المرشحة لرئاسة وزراء بريطانيا.. كيف تنظر واشنطن إليها؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لمتابعة تصفح الموقع يرجي إيقاف الإضافة .. وذلك تقديراً لجهود القائمين على الصحيفة