سياسة

شبه جزيرة القرم المثيرة للجدل .. وقصة طرد التتار المسلمين منها

نظمت روسيا الاستفتاء على عجل بعد أن قامت بالسيطرة على مواقع استراتيجية عديدة في جميع أنحاء القرم

إن الحرب الدائرة على الأراضي الأوكرانية ، بدأت في شبه جزيرة القرم، ويجب أن تنتهي بتحريرها ، هذا ما صرح به  رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، في تطور جديد يتعلق بالحرب بين روسيا وأوكرانيا.

فقد جاءت هذه التصريحات بعد ساعات فقط، من حدوث انفجارات متتالية في قاعدة جوية تابعة لروسيا ، في شبه جزيرة القرم. وقد أسفرت هذه الانفجارات عن مقتل شخص واحد.

والرئيس الأوكراني لم يتحدث عن  هذه الانفجارات، لكنه أكد في خطابه أن إقليم القرم أوكراني، ولن يتخلى عنه.

كما قللت روسيا من شأن تلك الانفجارات، ونفى مسؤول  أوكراني كبير مسؤولية القوات الأوكرانية عنها.

الاستفتاء الروسي الغير قانوني

تعتبر القرم جزءا من أوكرانيا، ولكن قامت روسيا بضمها إليها عام 2014، بإجراء استفتاء مثير للجدل، وهو استفتاء غير شرعي، كما يعتبره المجتمع الدولي.

تجنب الرئيس  زيلينسكي في خطابه الحديث عن التفجيرات، لكنه أسهب في الحديث عن إقليم القرم قائلا :

لن ننسى أن حرب روسيا ضد أوكرانيا، بدأت باحتلال القرم.

وتشير تصريحات الرئيس الأوكراني الأخيرة، إلى أنه يعتقد أن على أوكرانيا استعادة  شبه الجزيرة، قبل انتهاء الحرب الحالية، لكنه سابقا أدلى بتصريحات تناقض ذلك، بخصوص هذه القضية. وفق ما جاء في صحيفة CNN.

حيث قال في الماضي أن أوكرانيا، يمكن أن تقبل السلام في حال عادت روسيا، قبل 24 فبراير إلى مواقعها، وهذا يعني أن استعادة شبه جزيرة القرم، ليست شرطا للسلام.

وكان ديمتري مدفيديف رئيس روسيا السابق، قد قام بتوجيه تحذير مفاده، أنه في حال تم استهداف القرم، فسوف تفتح أوكرانيا على نفسها أبواب جهنم.

وضمت روسيا إقليم القرم في مارس عام، 2014 بعد إجراء تصويت في شبه الجزيرة، للانضمام إلى روسيا واعتبرته أوكرانيا تصويت غير قانوني.

نظمت روسيا الاستفتاء على عجل بعد أن قامت بالسيطرة على مواقع استراتيجية عديدة في جميع أنحاء القرم.

وكانت إمبراطورية روسيا، قد سيطرت على شبه جزيرة القرم، وضمتها بعد حكم كاثرين العظيمة في عام 1783،

وبقي الإقليم جزءا من روسيا حتى عام 1954، حيث قام زعيم الاتحاد السوفيتي آنذاك نيكيتا خروشوف، وكان أصله من أوكرانيا، بإهداء شبه الجزيرة إلى جمهورية أوكرانيا السوفيتية، وذلك من أجل تعزيز الوحدة بين روسيا وأوكرانيا.

إن قرار زعيم الاتحاد السوفيتي لم يكن له أثر عملي بعد الحقبة السوفيتية، ولكن بعد أن تفكك الاتحاد وانهار عام 1991، باتت شبه الجزيرة جزءا من أوكرانيا المستقلة.

وبالرغم من ذلك مازال أكثر من 58%، من سكانها يعدون أنفسهم من روسيا.

شبه جزيرة القرم … موقعها الجغرافي وتاريخها

تقع شبه جزيرة القرم في جنوب أوكرانيا بين بحر آزوف والبحر الأسود وتمتد في البحر الأسود، ولكنها لا تتصل بالبر القاري، إلا من جهة الشمال عبر شريط ضيق، ومن الشرق يمتد شريط أرضي، يكاد يتصل بأراضي روسيا، ويفصل شبه الجزيرة عن روسيا من جهة الشرق مضيق كيرش.

يسكن في هذا الإقليم، أقليات لا بأس بها من التتار والاوكرانيين، ويشكل الروس أغلبية السكان فيه. وتبلغ نسبة  التتار المسلمين  حوالي 12%.

أول من استوطن القرم هم السيميريون وذلك منذ حوالي ألف عام قبل الميلاد، واحتل السكيثيون منطقة السهوب في القرن السابع قبل الميلاد.

وأصبحت القرم بعد ذلك تحت سيطرة اليونانيين والرومان  لقرون عديدة. وقد أنشأ الإغريق فيها مستعمرات على طول سواحلها، خلال القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد. وقد نجت تلك المستعمرات الخاضعة للسيطرة اليونانية عام 15 قبل الميلاد، من هجمات متتالية شنتها جيوش البدو الشرقيين، الذين تمكنوا بعد ذلك من احتلال منطقة السهوب.

كما طالب أمير كييف بتلك المدن الساحلية، ولكن كييف لم يكن بمقدورها، الاحتفاظ بشبه جزيرة القرم. التي سقطت بيد الأتراك، وبعد ذلك بيد التتار القبيلة الذهبية.

قامت جنوة بإنشاء بؤر استيطانية تجارية، على طول الساحل، حيث استطاعت أخيرا أن تسيطر على تجارة البحر الأسود. وذلك في القرن الثالث عشر.

وفي أوائل القرن الرابع عشر انتشر الدين الإسلامي بين السكان التتار في مناطق القرم الداخلية. تحت حكم أوز بيك  خان الذي اعتنق الإسلام. وأصبحت القرم تحت السيطرة العثمانية عام 1475.

وبالرغم من أن قوة التتار، قد ضعفت بشكل كبير منذ أيام الغزوات المغولية. فقد كان التتار يشنون غارات متتالية على موسكو، من عاصمتهم باخشيساراي الواقعة جنوب إقليم القرم.

الصراع الروسي العثماني على شبه الجزيرة

الإمبراطورية العثمانية هي التي كانت تهيمن على شبه جزيرة القرم، لمئات السنين لكن توسع روسيا من ناحية الحدود الجنوبية، بدأ في أواخر القرن السابع عشر بشكل جدي على يد القيصر بطرس الأكبر، مما أدى إلى حدوث صراع بين القوتين، وعلى مدى القرنين المتتاليين  وخاضت روسيا والإمبراطورية العثمانية سلسلة من الحروب، من أجل فرض  السيطرة منطقة البحر الأسود.

وقد كانت نتيجة إحدى تلك الحروب معاهدة كوتشوك كيناركا عام 1774،التي بمقتضاها قامت دولة تتار القرم المستقلة.

ضمت إمبراطورية روسيا كاترين الثانية، عام 1783  شبه الجزيرة التي غدت أرضا روسية.

وبالرغم من ذلك ، بقي التنافس الإقليمي مستمرا  بين الروس والأتراك، واتسع نطاق هذا التنافس  في حرب القرم. حيث قامت الدولتان بريطانيا وفرنسا. اللتان كانتا تشعران بالقلق والتوتر من الطموحات الروسية في بلاد البلقان، بمحاربة روسيا وذلك للاستحواذ على إرث الإمبراطورية العثمانية الآفلة.

انهارت الإمبراطورية الروسية عند قيام ثورة 1917، وأعلن تتار شبه الجزيرة، عن قيام جمهورية ديمقراطية مستقلة.التي انتهت خلال الحرب الأهلية الروسية عام 1920. وأصبحت القرم معقل البلشفية ، وتمتعت بالحكم الذاتي، وأصبحت شبه جزيرة القرم جمهورية القرم الاشتراكية السوفيتية. في أوائل عام 1921.

وعندما كان جوزيف ستالين يقمع الأقليات العرقية قتل عشرات الآلاف من تتار القرم، وقام النازيون باحتلال شبه الجزيرة. وبعد ذلك طردوا منها.

تم ترحيل 200 شخص من التتار قسرا إلى آسيا الوسطى وسيبيريا، بزعم أنهم تعاونوا مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية.

وبعد هذه الحرب تم تخفيض شبه الجزيرة القرم، فأصبحت إقليم من جمهورية روسيا الاشتراكية الاتحادية السوفيتية. بعد أن كانت جمهورية مستقلة  تتمتع بالحكم الذاتي.

اقرأ أيضا مقالة عملية صنع القرار بروسيا .. خمس رجال وامرأتان إلى جانب الرئيس بوتين

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

لمتابعة تصفح الموقع يرجي إيقاف الإضافة .. وذلك تقديراً لجهود القائمين على الصحيفة