قارة أفريقيا … ما هو مستقبل تنظيم القاعدة فيها بعد مقتل الظواهري؟
أفريقيا بيئة محفزة لانتشار التنظيمات الإرهابية والجماعات التابعة لها
تنظيم القاعدة في قارة أفريقيا، أسئلة عديدة طرحها مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. خلال غارة أمريكية في العاصمة كابول في يوليو الماضي. ومن هذه الأسئلة كيف سيكون تأثير مقتله في نشاط التنظيم في دول أفريقيا؟ حيث أن التنظيمات الإسلامية في أفريقيا، تستمد أسباب وجودها وانتشارها منه.
ومنذ مقتل أسامة بن لادن عام 2012، استمرت طبيعة أهداف التنظيم بضرورة الاستمرار. بنشاطه في الإرهاب العالمي، والعداء للدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
بينما تغير منهج التنظيم، من الاعتماد بشكل كامل على قيادة التنظيم. وانتظار الأوامر والتوجيهات، إلى الاستقلال في العمل، تدريجياً حتى بقي من اسم تنظيم القاعدة رمزيتها فقط.
إن هذا التنسيق المرحلي، هو ما جعل دول الغرب تعتقد أن خطورة تنظيم القاعدة أقل من داعش. وعند النظر جيدا في تسلسل العمليات الأخيرة. ومواصلتها في التنسيق زمانا ومكانا، حيث تم الربط، بين شمال غربي أفريقيا الممثل في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وغرب قارة أفريقيا بعد أن انضم التنظيم في 2017 إلى تحالف تقوده، بمنطقة الساحل وغرب القارة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وصولا إلى الشرق، حيث جماعة تنظيم الشباب الصومالية، التي قامت بالانضمام إلى تنظيم القاعدة عام 2012. سنجد أن تنظيم القاعدة يعمل على توفير قوة روحية للتنظيمات التي تنتمي إليه، تبث الروح في جاهزيتها وتزيد من حماسها.
وقد ساهمت مغادرة أمريكا وفرنسا المنطقة، والتوسع المبني على العلاقات المتشابكة بين المجتمعات المحلية، في إضافة سبب آخر لتوحد هذه الجماعات، قائم على إدخال التنظيمات بعضها ببعض.
قارة أفريقيا بيئة محفزة لانتشار التنظيمات الإرهابية
إن طبيعة التهديد الإرهابي في قارة أفريقيا، يتطلب فهمه مراعاة البيئة التي يعيش فيها الإرهابيون. وأن يكون هناك ترابط بين المشكلات الايدلوجية الاجتماعية والأمنية السياسية، ضمن الأزمة التي تعيشها قارة أفريقيا، مثل عدم الاستقرار السياسي، ونشاط الميليشيات المسلحة، والتمرد على نظام الحكم القائم،
جميع هذه المكونات توفر بيئة خصبة لانتشار الإرهاب، وتنفيذ عمليات إرهابية في الداخل، أو أنها تنطلق من الداخل إلى أهداف أخرى.
وجاء في صحيفة CNN، إن تنظيم القاعدة و من بعده تنظيم داعش والجماعات المحلية وغيرها، ينطلق نشاطهم في كل دولة من عاملي الإثنية ، ويجمع الإسلام بين هذه المجتمعات.
أما مفهوم الصراع الإثني ضمن نزاعات قارة أفريقيا ، هو وقود سريع الاشتعال في مجتمعات أفريقيا. له تداخل مع الصراع السياسي وأما الصراع الديني. فهذه الجماعات تدين كلها بالدين الإسلامي. لذلك ينطلق منبع نشاطها من التفرقة، بين مسلمين أصيلين ومسلمين موالين للغرب من جهة. ومن جهة ثانية الصراع قائم على اختلاف الأديان بين الجماعات الإرهابية. والمجموعات الآخرى التي تدين بالمسيحية، مثل احتدام الصراع في نيجيريا وغيرها.
ويتطلب التهديد الإرهابي أيضا، التوقف عند حجم التحولات، التي طرأت على التنظيمات الإرهابية، ما بين الصراع داخل التنظيم الواحد على السلطة والنفوذ، والصراع على الوجود في منطقة معينة، بين داعش والقاعدة.
بينما استمد داعش قوته بشكل رأسي، من روح القيادة ، قبل أن يقتل زعيمهم أبو بكر البغدادي عام 2019. فإن تنظيم القاعدة تطور واستفاد بشكل أفقي، من الصراعات الداخلية في مجتمعات قارة أفريقيا، بين القبائل والإثنيات المختلفة. مما جعل الجماعات التابعة للتنظيم تقوم بالإعلان عن قائد وقتي. من دون أن يكون هناك حاجة إلى الرجوع للقيادة. التي لم يأتي منها، ما ينفع الاعتراض على القيادات الفرعية، ولم تكن تبالي بتمحيص ولائها الكامل مادامت تتبع لها.
العوامل المؤثرة على استمرار نشاط تنظيم القاعدة في القارة
إن استمرار نشاط تنظيم القاعدة في قارة أفريقيا، التي تعاني من أزمات سياسية واقتصادية كثيرة، يعتمد على عوامل خارجية، منها العوامل التي تتعلق بقيادات التنظيم المحتملة، ومنهم المرشحون لخلافة أيمن الظواهري في الوقت الحالي، معظمهم من شمال أفريقيا.
فبعد أن كان تنظيم القاعدة في تنافس مع داعش، أدى تجدد القيادات بعد مقتل الزعيمين إلى توفير دافعا آخر للتنافس. ولكن هذه المرة بقيادات ربما ستكون أكثر تأثيرا من أيمن الظواهري.
وإن مقدار الدعم الذي ستحصل عليه الدول الأفريقية، من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا، من أجل أن يكون لها دورا كبيرا، في كبح جماح تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له. وهذا الدعم من العوامل الخارجية المؤثرة في استمرار التنظيم في قارة أفريقيا.
أما العوامل الداخلية المؤثرة في استمرار تنظيم القاعدة، فهي الصراعات السياسية التي تقوم على أساس طائفي وإثني، وقد مثلت روابط مشتركة بين معظم دول أفريقيا، التي ينشط فيها تنظيم القاعدة والجماعات التابعة، لهذا التنظيم.
اقرأ أيضا مقالة مأساة هيروشيما … هل يمكن منع العالم من تكرار هذه الذكرى الأليمة؟