آزوفستال: لغز قلعة آزوفستال .. لماذا أحجم العملاق الروسي عن اقتحامها؟
بعد أسابيع من المعارك الطاحنة أعلنت روسيا النصر في معركة السيطرة على مدينة ماريوبول الجنوبية الأوكرانية . لكن الفصل الأخير لهذه المعركة لم يسدل الستار عليه بعد كما يرى مراقبون وخبراء عسكريون. وذلك لأن مصنع آزوفستال للحديد والصلب الذي يختبئ فيه مئات الجنود الأوكرانيين والمقاتلين الأجانب من كتائب آزوف لم يتم اقتحامه من قبل القوات الروسية.
ما هدف بوتين من إلغاء اقتحام مصنع آزوفستال؟
ويرى مراقبون أن الهدف من إبقاء مصنع الحديد دون قصف أو اقتحام من روسيا هو تفادي سقوط عدد كبير من القتلى الذين يتوقع أن يسقطوا من الجانبين خلال عملية الاقتحام. بالإضافة إلى ذلك تحتفظ روسيا بورقة آزوفستال بيدها لكي تساوم عليها من أجل انتزاع تنازلات من كييف في ملفات ومناطق أخرى.
ولقد أوعز الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين لقواته بأن لا يقتحموا آخر معقل أوكراني متبق في مدينة ماريوبول المحاصرة. والقيام بإغلاقها بحيث لا تمر حتى ذبابة من خلالها. وذلك بعد أن أبلغه وزير دفاع روسيا ، سيرغي شويغو، بسيطرة القوات الروسية على مدينة ماريوبول الأوكرانية.
كيف علل بوتين سبب إلغاء اقتحام المصنع؟
ولقد علل الرئيس بوتين سبب إلغاء اقتحام مصنع آزوفستال بأنه يحافظ بذلك على أرواح الجنود الروس، قائلا
: في مثل هذه الحالة الخاصة. وكما يجب دائما علينا أن نحرص أكثر من أي وقت آخر أن نحافظ على حياة وصحة ضباطنا وجنودنا . لسنا مضطرين للنزول إلى السراديب والزحف تحت أرض هذه المنشآت الصناعية.
لغز قلعة آزوفستال
-
تاريخ آزوفستال
ويعود تاريخ بناء مصنع الحديد المطوق للعام 1930 ويعتبر بمثابة قلعة خرسانية ضخمة جدا مساحتها 12 كلم تمتد على طول الواجهة البحرية لمدينة ماريوبول. ويحتوي مصنع آزوفستال على مباني عديدة مقاومة للنووي والانفجارات. و كذلك يضم مسارات سكك حديدية وأقبية وأنفاق تحت الأرض.
-
لماذا تعتبر قلعة آزوفستال حصناً منيعاً؟
بالإضافة إلى ذلك يوجد ميناء شحن خاص بالمصنع ومنظومة من المرافق الجوفية مركبة. ومتداخلة فيها طابق سفلي ضخم وشبكة أنفاق تربط بين جميع أجزاء المصنع. كما يوجد أيضا ملجأ يمتد على عمق 10 أمتار تحت الأرض. وكل ذلك يجعل من آزوفستال حصنا منيعا يمكن المجموعة الأوكرانية المحاصرة داخله أن تقاوم الحصار الروسي لها لفترة زمنية طويلة نسبيا.
ويقدر تعداد هذه المجموعة المحاصرة التي تضم عناصر تابعة للقوات النظامية الأوكرانية وكتيبة “آزوف” القومية ومرتزقة أجانب، بما بين 1500 و2000 مسلح وفقا لبيانات وزارة الدفاع الروسية.
ويقول خبير الشؤون الروسية مسلم شعيتو تعليقا على ذلك في حوار معه :
- مع إسدال الستار على معركة ماريوبول باستثناء مصنع آزوفستال المحاصر الذي يعد مجرد تفصيل وموضوع استسلام من بداخله هو تحصيل حاصل.
- المرحلة الثانية من حرب روسيا وأوكرانيا ستستمر نحو تحرير جميع مناطق دونباس في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك.
- وبعد ذلك ستبدأ المرحلة الثالثة لتحقيق الأهداف السياسية من العملية وهي القيام باجتثاث النازيين الجدد من الجيش والسلطة الأوكرانيين.
- وكذلك من أجل ضمان عدم انضمام كييف لحلف الناتو. وضمان حياديتها بين روسيا والناتو وهذا ما تطالب به موسكو.
ويتابع الخبير: إن الانتهاء من معركة ماريوبول يعطي ولا شك روسيا والقوات الحليفة لها في دونيتسك ولوغانسك. دفعة معنوية قوية نحو إتمام كامل مهمتها في أوكرانيا.
بالإضافة إلى ذلك تفتح ماريوبول المجال أمام طريق بري يصل روسيا بدونيتسك، وصولا إلى شبه جزيرة القرم وبالتالي تتوفر الفرصة لسيطرة روسيا الناجزة والنهائية على بحر آزوف وهو بحر له أهمية تجارية وعسكرية كبيرة.
أهمية تحرير مدينة ماريوبول
ويشرح الخبير في الشؤون الروسية:
إن ماريوبول ثاني مدينة بعد العاصمة في جمهورية دونيتسك لهذا السبب يحمل تحريرها جملة معانٍ استراتيجية وسياسية مهمة جدا بالنسبة لروسيا. بالإضافة إلى أن مدينة ماريوبول تعتبر مدينة روسية الهوى، حيث قام أكثر من 80 في المئة من سكانها بتأييد انضمام ماريوبول لروسيا في عام 2014. كذلك يوجد في هذه المدينة مصنع آزوفستال الذي يعتبر بمثابة الحصن المنيع.
وكانت ماريوبول مركزاً لمجموعات أوكرانية مسلحة بعيدا عن الجيش. أطلقت على نفسها اسم كتيبة آزوف نسبة إلى بحر آزوف الذي تقع عليه مدينة ماريوبول. وتضم هذه الكتيبة حسب تصريحات وزارة الدفاع الروسية متطرفين يمينيين بينهم نازيون جدد.
أصبحت مدينة ماريوبول جزءا من جمهورية دونيتسك الانفصالية في شهر أبريل من عام 2014. قبل أن تقوم كييف باستعادتها في شهر يونيو من ذلك العام، نتيجة عملية هجومية قامت بها قوات الجيش الأوكراني وأفراد كتيبة آزوف. التي تم تشكيلها من القوميين الأوكرانيين.
ومنذ ذلك الوقت. باتت هذه المدينة مركزاً عسكرياً وسياسيا حيوياً للسلطات الأوكرانية على خط تماس النزاعات المسلحة في دونباس شرقي أوكرانيا.
اقرأ أيضا مقالة لماذا يعتبر الإسلام من أبرز القضايا في الانتخابات الفرنسية 2022؟