لماذا لن يتوقف الصراع بأوكرانيا قريباً؟
لم يضع "فلاديمير بوتين" في الحسبان مقاومة القوات الأوكرانية الشديدة أو الدعم الكبير الذي سيحصل عليه الجيش الأوكراني من أمريكا وأوروبا
عندما بدأ الصراع بأوكرانيا في شهر فبراير الماضي، توقع قليل من المحللين أن هذه الحرب ستستمر حتى اليوم ورغم ضغوط واشنطن ودول الغرب على كييف، من أجل البحث عن تسوية مع روسيا، فإن الصراع يمكن أن يستمر لأشهر أخرى، وربما لسنوات على عكس معظم الحروب الدولية التي حدثت في القرنين الماضيين، والأسباب تعود إلى عدة عوامل أبرزها أن الرؤساء يفتقرون إلى احساس واضح بقوة عدوهم وقوتهم، كما أنهم يشعرون أن الهزيمة تهدد وجودهم، فضلاً عن خوفهم من أن عدوهم سيصبح مستقبلاً أكثر قوة، والتنازلات باعتقادهم بغيضة، ويعتبر تعنتاً يكمن وراء العديد من معارك الغرب في القرن الحادي والعشرين، منها غزو العراق وأفغانستان، فهل ستتغير تلك العوامل ومتى سيحدث ذلك؟
هل تغيرت توقعات الصراع بأوكرانيا؟
لم يضع “فلاديمير بوتين” في الحسبان، مقاومة القوات الأوكرانية الشديدة. أو الدعم الكبير الذي سيحصل عليه الجيش الأوكراني من أمريكا وأوروبا. أو أوجه الضعف المختلفة لجيشه، وهذه العوامل أساسية جعلت الصراع في أوكرانيا، يطول كثيراً عما كان يتوقعه.
وبعد تسعة أشهر يستعد الجانبان لحرب طويلة، يمكن أن تدوم لأشهر وربما سنوات، وفق وكالة رويترز نقلاً عن الخبراء في الصراعات الدولية.
وبالرغم من تقدم أوكرانيا عسكرياً منذ شهر سبتمبر الماضي، وتمكنها من استرداد بعض الأراضي التي سيطرت عليها القوات الروسية، غالباً تفسر الهزائم أو الانتصارات في حرب ما بشكل خاطئ، على أنها تدل على تغيير في احتمالية إنهاء الصراع، وفق ما قاله أستاذ العلوم السياسية “لهيين جيومانز”.
التوقعات الروسية بالتأكيد قد تغيرت، حيث كانت التوقعات تشير إلى تحقيق نصر سريع، والدليل على ذلك هو القيام بتجنيد 300 ألف روسي، وهذا يعني أن روسيا باتت أكثر تشاؤماً بخصوص تحقيق غاياتها الحربية الأصلية، وأصبحت أوكرانيا متفائلة أكثر، والنقطة الأساسية التي يجب معرفتها هي أن مطالب الطرفين لم تتقلص إطلاقاً، بل أصبحت كييف هي من تضع شروطها الآن، وهذا يعني أن كلا الجانبين أصبحا متباعدين أكثر من السابق.
بوتين اختبر سابقاً صبر الدول الغربية
يرى المحللون أن استمرار الصراع بأوكرانيا يناسب في الوقت الحالي الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” أكثر. لأن سيطرته على بعض الأراضي الأوكرانية لا يمكن اعتبارها نصراً عظيماً سواء في الداخل أو في الخارج. ولأنه عسكرياً كان ينوي الاستمرار في السيطرة على الأراضي وتدمير البنية التحتية بأكبر قدر ممكن. واستراتيجياً كان ينتظر أن تتوقف الدول الغربية تدريجياً عن دعم أوكرانيا.
ففي الحروب السابقة في الشيشان وشبه جزيرة القرم وجورجيا توقع بوتين بشكل صحيح . حيث توقع أن صبر الدول الغربية مع الحرب الطويلة قصير، ويمكن أن يعتمد عليه لتحقيق أهدافه.
وعلى الرغم من أن الدول الغربية أدركت أن الرئيس فلاديمير بوتين لا يمكن توقع ردود فعله أو التحكم فيها بطريقة أو بأخرى، فإن هناك خطراً عظيماً من خروج الصراع في أوكرانيا عن دائرة الاهتمام الدولي، أو أن يتردد قادة الغرب مع استمرار الحرب، وخاصة أنه من المتوقع ألا يكون قادة روسيا وأوكرانيا راضين بأي تسوية نهائية للحرب، وستشجع هذه الحرب المجمدة موسكو على انتظار فرصة في المستقبل للمحاولة مرة أخرى.
وفي حين كان الجيش الأوكراني أعلى بكثير من التوقعات في حرمان روسيا من فرصة الانتصار ، على الأقل من حيث طموحاتها الأساسية ، فإن رغبة أوكرانيا في استعادة كل أراضيها التي احتلتها روسيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، لن تتحقق من دون مساعدة الغرب لها عسكريا، وهو أمر لا يمكن تصوره في الوقت الحالي.
ثلاثة أسباب لاستمرار الصراع في أوكرانيا
هناك تفسير آخر لاستمرار الصراع بأوكرانيا الذي يختلف عن معظم الصراعات القصيرة خلال القرنين السابقين. حيث كانت تستمر فقط ثلاثة أو أربعة شهور وتنتهي عند ارتفاع تكلفة الحرب. وتجعل الخصوم يدركون حقيقة الصراعات، وأن الحروب أسوأ طريقة من أجل تسوية النزاعات السياسية.
هناك ثلاثة عوامل استراتيجية رئيسية تجعل الصراع في أوكرانيا يستعر لأشهر أخرى وربما لسنوات مقبلة. كما يشير أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية “كريستوفر بلاتمان” في مقال قام بنشره في موقع “فورين بوليسي”.
و هذه العوامل توجد في أي نزاع طويل آخر عندما يظن القائد أن الهزيمة تهدد وجوده . وعندما لا يكون لدى القائد إحساس قوي وواضح بقدرته وقوة عدوه. وعندما يخشى القائد من أن عدوه سيزداد قوة في المستقبل. وهذه العوامل متوفرة في الحرب الروسية في أوكرانيا.
اقرأ أيضا مقالة لماذا لم تعترض ألمانيا عند حظر شارة المثليين في مونديال روسيا؟