ليبيا .. هل يمكن إنقاذها من الانقسام؟

شهدت ليبيا اضطرابات غير مسبوقة، لم تقتصر على العاصمة فقط، بل امتدت إلى مدن ليبية عديدة. مثل البيضاء ومصراتة، وطبرق، المدينة الساحلية التي لجأ إليها البرلمان الليبي، لعقد جلساته، حيث اعتدى متظاهرون على مقر البرلمان. وقاموا بإضرام النار، في قسم من المبنى، كما طالبت التظاهرات ، جميع الأجسام السياسية بالرحيل، والتعجيل بتسليم السلطة. بعد إجراء انتخابات رئاسية ونيابية. أطلق المتظاهرون على أنفسهم، اسم بالتريس، وتعني الرجال بالعامية الليبية. وأحرقوا الإطارات خارج مجلس النواب، وبعد ذلك اقتحموا المسجد وأحرقوه، وأحرقوا أيضا بعض المستندات.
بالإضافة إلى ذلك، تضمنت الاحتجاجات، مواقع التواصل الاجتماعي، فدعت إلى إلغاء قرار الحكومة الوطنية. التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، بمنع دعم المحروقات، ودعوا إلى حل الأجسام السياسية، التي تسبب عرقلة الوصول إلى اتفاق. وإلى تفويض المجلس الرئاسي، من أجل إعلان حالة الطوارئ.
وبعض التظاهرات نادت، بأهمية تسليم سلاح الميليشيات، وخروج كافة المرتزقة الأجانب. وبسبب تزايد العنف، قام الشباب بتعليقها بشكل مؤقت. وأعلنوا أنهم سيلتزمون بالحصول على الموافقات أولا، وفي نفس الوقت أكدوا استمرار الحراك.
تعثر العملية السياسية في ليبيا
فشلت الجهود المتواصلة، لمستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، في محاولة حل المشكلات الدستورية. فاستطاعت الحصول على دعم من مصر، من خلال استضافة ، ثلاث جولات حوار، بين رئيس مجلس الدولة خالد الكشري، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ثم نقلت إلى جنيف جولة رابعة، واختتمت هذه الجولة بعد تمديدها يومين من دون فائدة.
فهي لم تحقق أي تقدم في الخلاف الأساسي ، وهو شروط الترشح، وهذه الشروط تدور حول مزدوجي الجنسية، لكنها أساسا لها علاقة، بشرط إمكانية العودة إلى المنصب، وهذه المسألة تتعلق بمدى إمكانية ترشح، المشير خليفة حفتر، وبشكل دقيق، الموافقة على عودته، لقيادة وحدات الجيش الليبي، التي تتمركز في شرق ليبيا، وبعض مناطق الجنوب في الوقت الحالي.
ورغم ذلك، حققت الحوارات السابقة، بعض التقدم في نقاط قليلة، وهذه النقاط قد تكون أساسية، لولا تعثر النقاط التي تدور، حولها حقيقة الحوار، وكانت السبب في عدم انعقاد الانتخابات، في ديسمبر الماضي.
كذلك تضمن التوافق، تحديد مقر المجلسين في ليبيا ، والعمل على توزيع صلاحيات الحكومة المحلية، و صلاحيات رئيس الدولة، و رئيس الوزراء، وأيضا جرى التوافق، بحسب مستشارة الأمين العام ويليامز، على تحديد شكل اللامركزية، وترسيم المحافظات في ليبيا، وتحديد صلاحيتها، وطريقة توزيع الإيرادات، على كافة مستويات الحكم، والعمل على رفع نسبة، تمثيل المكونات الثقافية.
مكامن الخلاف الليبي
الخلاف في ليبيا يتعلق دائما، بمسألة ترشح خليفة حفتر، والسماح بعودته لقيادة الجيش، في حال خسارته، وذلك وفق كثيرين من المحللين والمراقبين. ووفق وكالة رويترز.
والمعروف أن رئيس الجمهورية في ليبيا، سيقوم بتعيين وعزل من يريد، في جميع المؤسسات الأمنية. وهي حقيقة دستورية وقانونية، يفترض أن تكون ثابتة.
وهذا الخلل يتجاهل المشكلة، وهي ضمان قبول نتائج الانتخابات، وتركيزها على حفتر، مع أن حفتر هو جزء من المشكلة، وليس كلها.
والمشكلة الأكبر هي كيفية إجراء الانتخابات ،مع وجود الميليشيات. وكيف ستقبل القوى العسكرية، الشبه نظامية وأيضا النظامية المنقسمة، بنتائج الانتخابات. وكيفية التعامل مع هذه القوى ، بعد انتخاب رئيس الجمهورية.
لا تتوفر الإجابة عن تلك الأسئلة، التي أعاقت التسوية السياسية منذ سنين. مما دفع البرلمان الليبي للجوء الى طبرق، والميليشيات هي أكثر الرافضين، لترشح سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر، فهي تقوم بتوظيف شعارات سياسية دينية، وتشاركها شخصيات سياسية وتنظيمات محسوبة، على هذا التيار، لذلك المشكلة أكبر من حفتر.
السفير الأمريكي يثير لغطا كبيرا في ليبيا
قام السفير الأمريكي في ليبيا، ريتشارد نورلاند بإثارة لغطا واسعاً، عندما صرح عقب فشل الحوار، الذي قامت الأمم المتحدة برعايته ، عن إمكانية عقد الانتخابات الليبية في ظل وجود حكومتين ، حكومة الوحدة الوطنية، ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، وحكومة ثانية هي الحكومة التي قام مجلس النواب بتعينها، برئاسة فتحي باشاغا، التي لم تستطيع أن تتسلم عملها، ولا حتى البقاء في العاصمة الليبية ، وذلك بسبب اندلاع الاشتباكات المسلحة، بين مؤيدي عبد الحميد وفتحي ، ففضل فتحي باشاغا، أن ينسحب من أجل حقن الدماء وفق قوله، ويحاول أن يدير عمله، من سرت، وبالتأكيد ليس هناك ما يستطيع عمله بشكل فعلي، بهذا الشأن .
اقرأ أيضا مقالة ناظم زهاوي الكردي العراقي المؤتمن على أموال بريطانيا