مأساة هيروشيما … هل يمكن منع العالم من تكرار هذه الذكرى الأليمة؟
باتت معظم العلاقات الدولية والأزمات بعد تبلور الحرب الباردة تدار بأدوات عقلانية و دبلوماسية
مأساة هيروشيما ، منذ أيام أحيت المدينة اليابانية ذكرى مرور سبعة وسبعين عاما، على إلقاء أول قنبلة نووية في العالم عليها ، في الوقت الذي تتزايد فيه حدة التحذيرات العالمية من سباقات التسلح النووي، والمخاطر المترتبة عليها.
يرى مراقبون وخبراء أن مرور ثماني عقود على هذه الفاجعة الإنسانية، لا يعني أن احتمال تكرارها معدوم. كما أشاروا إلى أن توازن الرعب يكاد وحده يكون، هو المانع أمام استخدام السلاح النووي مرة أخرى.
ولكن المطلوب هو تعزيز التعاون بين الأمم أكثر، من أجل تطوير الآليات الدولية والتشريعات. وكذلك تحريم الأسلحة النووية والحد من انتشارها، وتجريم استخدامها.
كيف يمكن منع العالم من تكرار مأساة هيروشيما؟
إن دخول السلاح النووي، غير بلا شك مفهوم الحرب التقليدية. وقام بإحداث تغييرا جوهريا في العلاقات بين الدول والتوازنات. وخاصة في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، عندما حصلت مأساة هيروشيما وناغازاكي بسبب قنبلة نووية. حيث أضافت هذه المأساة أهوالا، على فظائع الحرب العالمية الثانية، في نمطها التقليدي، والتي كانت خسائرها البشرية والمادية باهظة جدا على العالم،وفق ما جاء في صحيفة CNN.
وعقب هذه المأساة، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، بدأت الحرب الباردة بين الغرب والشرق. وبدأ النادي النووي يتوسع بعد دخول الاتحاد السوفيتي إليه. ثم توالت الدول التي تنضوي ضمنه تباع. وخلق بعد ذلك توازن الرعب بين الدول الكبرى القوية المالكة للسلاح النووي. الذي طور عقلانية مضاعفة عند تلك الدول، خوفا من استخدامه، بقدر خطورته الوجودية. حيث لا يوجد رابح في الحروب النووية، فالنتيجة تدمير شامل متبادل.
باتت معظم العلاقات الدولية والأزمات، بعد تبلور الحرب الباردة، تدار بأدوات عقلانية و دبلوماسية، إلى حد كبير دون أن يتم التلويح بالورقة النووية. حيث أصبح هناك تطور كبير في الهياكل والتشريعات الدولية الكابحة، لخطر السلاح النووي، مثل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي كانت سببا في مأساة هيروشيما ، وإنشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والاتفاقيات الثنائية والجماعية، الخاصة بهذا المنحنى، مثل الاتفاقيات التي تمت بين أمريكا والاتحاد السوفيتي السابق، وموسكو لاحقا.
لقد ساهم توازن الرعب النووي، في تكوين مناخ سلام عالمي نسبي بين الدول الكبرى. حيث أنه منذ مأساة هيروشيما وناغازاكي، لم يصاب العالم لحسن الحظ بمأساة مشابهة، استخدم فيها السلاح النووي، طوال 8 عقود. حيث غلب تعاطي القوى الدولية العقلاني فيما بينها، وإدارة صراعاتها وخلافاتها بعيدا عن السلاح النووي المدمر. وعبر الاعتماد على الوسائل الدبلوماسية.
الخبراء متفائلون، بأن هناك وعي لدى كبار صناع القرار في العالم، بخطورة الأسلحة النووية. لذلك فقد نجحت الجهود الدولية المشتركة، في منع حدوث أي مأساة مثل مأساة هيروشيما، وهو ما يجب الاستمرار فيه قدما في إطار دولي.
هل يوجد ضمان لعدم تكرار المأساة؟
ويرى محللون يملكون نظرة متشائمة، أنه للأسف لا يوجد في الوقت الحاضر، ولا في المستقبل ضمانة، لعدم تكرار مأساة هيروشيما. ولا سيما أن القرار باستخدام الأسلحة النووية تحتكره القوى الكبيرة على ضفتي الأطلسي، وأيضا روسيا والصين، وبعض الدول الأخرى التي تملكه مثل الباكستان والهند، وهي التي تصر على تخزين القوة النووية في ترسانات ضخمة، وتحتفظ بها كورقة قوة هجومية وردعية.
كما يضيف المحللون، أنه لم يتم استخدام الأسلحة النووية المدمرة سوى مرتين في مدينة هيروشيما وناغازاكي في اليابان. ولكن يبقى الخطر موجود دوما ولا يوجد ضمانة لعدم تكرار ذلك، وإلا لكانت الدول التي تمتلك السلاح النووي، تخلصت من ترساناتها النووية و مخزوناتها على مدى 70 عاما، لو أنها فهمت، واستوعبت فعلا الدرس من مأساة هيروشيما وناغازاكي.
كذلك يرى المحللون والخبراء في العلاقات الدولية والأوروبية، أن البشرية تسير نحو فنائها بخطى متسارعة. رغم كافة الدعوات التي تدعو للحفاظ على البيئة، وإيقاف التسلح النووي. لكن ما يحدث على أرض الواقع مختلف تماما حيث تقوم الدول المتنافسة، بتخصيص ميزانيات ضخمة. من أجل تطوير الترسانات النووية ومختلف الصناعات المدمرة للبيئة.
كما أن العالم يتنافس الآن في التسلح النووي، وهذا ليس سرا وقد عززت هذا التنافس الحرب الأوكرانية، والأزمات الأخرى مثل أزمة تايوان.
في صباح يوم 6 أغسطس عام 1945، في الساعة 8.15 قامت طائرة حربية أمريكية بإسقاط قنبلة نووية تدعى اسم الولد الصغير. وقد محت هذه القنبلة مدينة هيروشيما التي يقدر عدد سكانها حوالي 350 ألف نسمة. وفي وقت لاحق توفي آخرون بفل أمراض وإصابات مرتبطة بالإشعاع النووي وتأثيراته الدائمة.
ستبقى ذكرى مأساة هيروشيما حاضرة في الوجدان، وهي التي بينت، وأظهرت كم أن السلاح النووي فتاك، ويشكل على البشرية وكوكب الأرض خطرا وجوديا.
اقرأ أيضا مقالة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي .. لماذا زارت تايوان عوضا عن بايدن؟