ماموقف واشنطن من المصالحة التركية السورية؟
تختلف نظرة الولايات المتحدة الأمريكية للمصالحة التركية السورية، من حيث المواقف العامة والتفاصيل
الجميع يرتقب حدوث المصالحة التركية السورية. وقد كثر الحديث عنها في الفترة الأخيرة و يسعى إليها الطرفان. الطرف الأول غايته تعزيز موقع الحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. والطرف الثاني الذي أنهكت الحرب بلاده، هو على يقين بأن سورية لن تعود كما كانت دون رضا الولايات المتحدة الأمريكية أولاً ودول الغرب ثانياً. بالإضافة إلى دعم الحلفاء العرب وبالأخص السعودية والإمارات التي نشطت دبلوماسياً من أجل إيقاف نزيف الدم السوري وإعادة دمشق للحضن العربي.
كيف تنظر الولايات المتحدة الأمريكية إلى المصالحة التركية السورية؟
تختلف نظرة الولايات المتحدة الأمريكية للمصالحة التركية السورية، من حيث المواقف العامة والتفاصيل. ولكن تحاول الإدارة الأمريكية أن تعثر على حلول مقبولة ومعقولة دولياً، من أجل وضع حد للأزمة السورية دون أن تبدو أنها تراجعت أو انسحبت.
عاشت سورية في فوضى منذ عام 2011 وفقد شعبها الاستقرار والأمان. وكان هناك خلاف كبير بين سوريا وتركيا بسبب مواقف عديدة. في وقت كانت واشنطن تدعم مناطق حكم ذاتي للأكراد في شمال سوريا. وهو ما أثار حفيظة تركيا التي لم تتوقف عن القيام بقصف جوي متكرر ضد الجيش السوري الديمقراطي “قسد”. الذي كان من وجهة نظرها قوى إرهابية. ومن هنا ظهرت نقاط الخلاف بين أمريكا وتركيا حول قضية الأكراد. ولكن يبدو ان الإدارة الأمريكية. تسعى لايجاد توازن بين مصالحها العديدة وغاياتها المتناقضة. وبين العلاقة التي تربطها مع تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي وبين إيجاد الحلول النهائية للأزمة في سوريا.
كيف تتعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع تركيا فيما يخص سوريا؟
ورغم ذلك تعتقد الولايات المتحدة الأمريكية أن تركيا حليف مهم في منطقة الشرق الأوسط. وتسعى للتعاون معها من أجل تحقيق المصالح المشتركة. وأما فيما يخص سوريا فهي تتعامل معها بحذر من أجل تحقيق الاستقرار والأمن الإقليمي.
وتشير الدلائل والمعطيات إلى أن الإدارة الأمريكية لن تضغط كثيراً على تركيا من أجل وقف خطوات المصالحة التركية السورية. وذلك لأن البرلمان التركي لم يقم بالمصادقة حتى الآن على انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو، وينظر الرئيس جو بايدن إلى عملية الانضمام على أنها نصر كبير على روسيا.
مصالح الولايات المتحدة والمصالحة التركية السورية
ويرى محللون ان المصالحة التركية السورية قد تحدث برضا الولايات المتحدة. ولكن لن يكون هذا الرضا معلناً، وذلك لأن الرئيس الأمريكي بايدن يسعى لتخفيف وطأة الأزمة في سوريا. وفي الوقت نفسه لديه الرغبة في أن لا يختلف مع الجمهوريين الذين سيوجهون له بالتأكيد تهمة الضعف في سوريا.
وفق وكالة رويترز، يقول متابعون إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ستكون في وضع محرج جداً وصعب أيضاً. لأنها لا ترغب بحل الأزمة السورية في الوقت الحالي حيث لا يوجد لديها الكثير من الأوراق لتلجأ إليها. فهي غير مستعجلة في احتواء الأزمة في سوريا. كما أنها لا تريد أن تخسر حلفائها بسبب “قانون قيصر”. حيث يفرض هذا القانون عقوبات على الدول المتعاونة مع الرئيس السوري في حال تمت المصالحة.
في حين يرى بعض المحللين أن إدارة الرئيس الأمريكي بايدن هي من سيقرر نجاح جهود المصالحة التركية السورية. وذلك لأن إنهاء سيطرة الأكراد في شمال سوريا يحتاج إلى موافقة الإدارة الأمريكية سواء عبر الحل السلمي. وهو تسليم المناطق الكردية الى الحكومة السورية أو عبر الحل العسكري.
نظرة براغماتية
ولا ننسى أن امريكا تبرر وجودها العسكري في سوريا بمحاربة تنظيم داعش الإرهابي. الذي فر هارباً إلى الشمال. فيما يبلغ عدد القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا 28 موقعاً. وتتواجد هذه القواعد قرب المعابر الرئيسية بين سوريا والعراق. كما تتواجد على طرق مواصلات الرئيسية بين الدولتين. وأيضاً قرب مراكز تكرير النفط والآبار. بالإضافة إلى ذلك يوجد قاعدتين أمريكيتين على مثلث الحدود العراقية السورية الأردنية في “النتف”.
والتي قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عنها “أن القوات الأمريكية المسلحة. ستبقى فيها حتى بعد انسحاب الجيش الأمريكي من الأراضي السورية “.
وهكذا نرى أن أمريكا تنظر إلى المصالحة التركية السورية بطريقة براغماتية. وقد تجد حلولا تراعى فيها جميع الموازين سواء التي تتعلق بالحلفاء أو الساعين لإنجاز المصالحة. وبين أهدافها الاستراتيجية في الشرق الأوسط والعالم.
اقرأ أيضا مقالة الإدارة الأمريكية وليبيا.. لقاءات ومباحثات تثير الجدل بشأن توقيتها